الجمعة، 12 ديسمبر 2025

تصريحات أحمد عباس تكشف عمق التداخل بين المؤسسة العسكرية وشبكات الإسلام السياسي في السودان

 

أحمد عباس


تصريحات أحمد عباس تكشف عمق التداخل بين المؤسسة العسكرية وشبكات الإسلام السياسي في السودان


أثارت الإفادات المنسوبة للوالي السابق أحمد عباس، أحد الوجوه البارزة في التيار الإسلامي السوداني، جدلًا واسعًا بعد ظهوره في تسجيل مصوّر يرد فيه على تصريحات الفريق عبد الفتاح البرهان حول غياب تأثير عناصر الحركة الإسلامية داخل المؤسسة العسكرية. ويأتي هذا التطور في لحظة سياسية مضطربة تتكثّف فيها الاتهامات المتبادلة بشأن من يمتلك زمام النفوذ داخل الدولة.


في إفاداته، أكد عباس أن من ينتمون للحركة الإسلامية يشكلون نسبة كبيرة من الجيش، مشيرًا إلى أنهم يمثلون —بحسب تعبيره— نحو 75% من المؤسسة العسكرية. ورغم أن هذه الأرقام لم تُؤكد من جهة مستقلة، إلا أن تداولها يعكس حجم الحساسية المتعلقة بملف الوجود الأيديولوجي داخل الجيش السوداني.


كما شدّد على أن تحركات هذا التيار ليست “بالدس”، في إشارة إلى أنهم يعملون بصورة علنية ضمن ما يعتبرونه دورًا طبيعيًا في المشهد الوطني. وتُبرز هذه التصريحات حالة التناقض بين الخطاب الرسمي الذي ينفي وجود نفوذ منظم للحركة الإسلامية داخل الجيش، وبين سرديات قوى سياسية تتحدث عن استمرار تأثيرها في مفاصل الدولة.


وأشار عباس كذلك إلى أن للحركة الإسلامية “كلامًا مع الحكومة”، وأنها —وفق حديثه— ظلت تقدم الدعم السياسي والاجتماعي وتحشد القواعد لصالح السلطة. مثل هذه العبارات تُلقي الضوء على حجم التداخل بين هياكل الحكم الحالية وشبكات النفوذ القديمة التي تشكّلت خلال ثلاثة عقود من حكم الإسلاميين.


وفي السياق ذاته، كشف عباس أن التيار الإسلامي يتولى معالجة ما وصفه بـ“المشكلات الخارجية” للحكومة، ما يفتح الباب أمام تساؤلات حول طبيعة الأدوار غير المعلنة التي تقوم بها هذه الشبكات، وتأثيراتها المحتملة على علاقات السودان الإقليمية ومسارات التفاوض الدبلوماسي.


وربما كان أكثر ما أثار الجدل هو تأكيده أن الحركة الإسلامية “تدير الحرب فعلاً”، وهو تصريح يحمل دلالات خطيرة في ظل الصراع الحالي وتداعياته على المدنيين والبنية السياسية للدولة. مثل هذا الخطاب يعمّق الاتهامات المتعلقة بتداخل الجماعات الأيديولوجية في إدارة مؤسسات الدولة، ويعيد إلى الواجهة النقاش حول مستقبل السودان بين مشروع دولة حديثة، وبين إرث شبكات السلطة التي ما زالت تتنازع نفوذها داخل المشهد الوطني.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق