الأربعاء، 26 أغسطس 2020

يقول الفريق البرهان بلسان الجيش (نحن رهن إشارتكم مثلما استجبنا في أبريل مستعدون لإشارتكم مرة أخرى) فهل يبحث عن انقلاب؟


البرهان.. يفتح النيران – صحيفة السوداني
في خطابه على شرف مرور عام من تكليفه بمنصب رئيس وزراء حكومة الثورة وبالتزامن مع أزمة اقتصادية تمسك بتلابيب المرحلة الانتقالية يشكو عبد الله حمدوك من عدم ولاية حكومته على 82 % من الشركات وتحديداً المرتبطة بالأجهزة الأمنية وقبل أن يرتد صدى تصريحات رئيس الوزراء يخرج صوت رئيس مجلس السيادة الفريق عبد الفتاح البرهان من (منطقته العسكرية) قائلا إن جهات تحاول جاهدة تعليق فشلها على شماعة شركات القوات المسلحة في إشارة لتصريحات رئيس الوزراء ومضى الفريق وهو يتنقل بين مقار الجيش ويوجه سهام انتقاداته في مواجهة المكون المدني حتى قال البعض ليته سكت.

يحذر البرهان من جهات لم يسمها قال إنها تحاول أن تخلق جفوة بين القوات المسلحه ومكونات الشعب السوداني وتعليق إخفاقاتها الاقتصاديه على شماعة شركاتها مؤكداً التزامهم التام بدعم الثورة وخيارات الشعب السوداني من خلال تروجيها لبعض الأكاذيب حول هذه الشركات واستحواذها على مفاصل الاقتصاد مشيراً الى ان القوات المسلحة قد بسطت يدها بلا من ولا أذى لوزارة الماليه والتخطيط الاقتصادي لوضع يدها على مجموعه مقدره منها للاستفاده منها في تخفيف حدة الضائقه المعيشيه لكنها لم تستجب وان تلك الشركات لم تقف حجر عثره او عائقاً للاستفاده من مواردها. وأضاف قائلاً إن عدم وضوح الرؤيا عند القائمين على أمر الاقتصاد ووجود أجندات أخرى لدى بعض الجهات السياسيه هو ما يقف وراء ترويج فريه تحكم القوات المسلحة في مفاصل الاقتصاد القومي وان تلك الجهات تعمل على الاستحواذ على خيرات وممتلكات شركات واستثمارات القوات المسلحة والتي هي ليست للمزايده أو التكسب السياسي يحسم البرهان الجدل بقوله: قلنا ليهم تعالوا استلموا لكن لا أحد استجاب.

تشكو لجنة تفكيك التمكين وفي مؤتمر صحفي من ما قالت عنه عبء إدارة المؤسسات الاقتصادية التي تمت مصادرتها وترد ذلك لسبب رئيسي وهو عدم استجابة وزارة المالية في القيام بأدوارها في ما يتعلق باستلام هذه المؤسسات ويشير الرئيس المناوب للجنة محمد الفكي سليمان الى وجود أياد داخل الوزارة قال انها تعمل لتعطيل العمل والمساهمة في تفكيك النظام البائد ويقول ود الفكي إن الأموال التي تقوم بجلبها لجنته وإدارتها كافية لحل المعضلة الاقتصادية الراهنة في البلاد.ط ما يمكن استخلاصه من حديث رئيس مجلس السيادة وفي الوقت ذاته تصريحات لجنة التفكيك أن ثمة أزمة في الجانب الاقتصادي تبدو واضحة في أفق الحكومة الانتقالية.

لكن هل يبدو ما يجري الآن محض أزمة تتعلق بالجانب الاقتصادي وكيفية إدارة الموارد فيه وتحديد المسؤوليات داخله ام انها تبدو أكبر من ذلك؟ في حديثه بالمنطقة العسكرية أمس يقول رئيس مجلس السيادة مخاطباً الشعب (نحن رهن إشارتكم فمثل ما استجبنا لكم في أبريل الماضي سنستجيب الآن لأي إشارة من الشعب) وسرعان ما فتح البعض الاقواس متسائلاً: هل يرغب الجيش أو قائده العام في انتظار شرعية من الشعب بغية الانقلاب على الفترة الانتقالية أسوة بما جري في مصر؟ خصوصاً وأن البرهان اشار لجهات قال إنها تسعى لسرقة الثورة وتعمل بجد من أجل تفكيك الجيش وشيطنة الدعم السريع معترفاً بأنهم طوال الفترة الفائتة لم يقوموا بفعل شيء وظلوا منشغلين بالمجابدة بين وال ووزير ومتابعة صراعات الأحزاب حول المحاصصات قائلاً بأن هناك جهات صوتها ارتفع الآن وهي تحاول ان تعلق إخفاقاتها على شماعة الجيش. بالنسبة لكثيرين فإن ما قاله رئيس مجلس السيادة يمكن قراءته في سياق حالة التجاذب بين العسكر والمدنيين حول إدارة الفترة الانتقالية.

بينما يفتح ما يجري الان السؤال على مصراعيه في ما يتعلق بالبحث عن حاضنة سياسية جديدة للفترة الانتقالية في ظل تنامي حالة من عدم الرضاء على الأداء العام للتحالف وهو أمر متفق عليه حتى من قبل مجلس الوزراء حيث اشار حمدوك في خطابه الاخير للخلافات بين مكونات الحاضنة السياسية وما يمكن أن يترتب عليها في ما يتعلق بعملية تحقيق الاستقرار في الفترة الانتقالية وتحقيق الانتقال نحو النظام الديمقراطي عبر الانتخابات التي لا احد منشغل بها الآن. وفقاً لحديث البرهان وبنفس السياق فإن اجتماعا عاجلا من المؤمل ان يتم عقده بين رئيس الوزراء والحرية والتغيير لبحث الأوضاع ومآلاتها في البلاد كما ان الموقف السلبي من أداء الحاضنة السياسية تجاوز مكونات السلطة للشارع الذي هتف في السابع عشر من اغسطس ضد الأحزاب.

هل نحن في انتظار شمولية جديدة وفقاً لقراءات التحركات الأخيرة لرئيس مجلس السيادة؟ شمولية تعيد البلاد مرة اخرى للانقلابات العسكرية كآخر علاج يمكن من خلاله مواجهة الشراكة بين العسكريين والمدنيين التي شبهها البعض بزواج المكره حيث أن كل طرف فيهما اضطر إلى قبول الآخر على مضض، وأنهما لم يكونا على قناعة كاملة بشراكةٍ فرضتها الظروف، ودفعت عجلتها المتعثرة ضغوط محليةٍ وإقليميةٍ ودوليةٍ، أثمرت اتفاقاً هشاً، ووثيقة دستورية تم القفز عليها في أول امتحان وأنه آن أوان البدء من جديد خصوصاً وأن كثيرين يربطون بين ما يجري الآن وبين الحراك الدولي والإقليمي المحموم في اللحظة الراهنة نحو الخرطوم في سعيه لإعادة رسم خارطتها السياسية يجيب البعض على سؤال الانقلاب بالنفي في ظل ما يمكن ان يجابهه من رفض شعبية بينما يقول آخرون لم لا؟ وهو السؤال الذي يلتقي بسؤال آخر: هل تكون الخلافات ذات البعد الاقتصادي مدخلا لفراق سياسي لا عودة بعده؟

0 Comments: