الاثنين، 16 أغسطس 2021

مخاوف السودان من تكرار مأساة فيضانات العام الماضي والسبب عدم وضوح أثيوبيا بشأن ملء سد النهضة

 تتزايد المخاوف في السودان من احتمال تكرار مأساة فيضانات العام الماضي التي أودت بحياة 117 شخصا، ودمرت 100 ألف منزل، وشردت نحو 600 ألف شخص؛ لكن ما هي المؤشرات والأسباب المغذية لتلك المخاوف وكيف يمكن الحد من الخسائر؟

في نهاية الأسبوع الماضي توقعت الإدارة العامة للخزانات بوزارة الري والموارد المائية حدوث زيادة في وارد مياه النيل الأزرق كنتيجة لهطول أمطار غزيرة في الهضبة الإثيوبية، وبسبب عدم وضوح أثيوبيا بشأن ملء سد النهضة.

وقالت الوزارة إنه ستحدث زيادة تدريجية لمناسيب مياه النيل الأزرق جنوب خزان الروصيرص وشماله حتى الخرطوم. ودعت الوزارة المواطنين إلى اتخاذ الحيطة والحذر حفاظا على الأرواح والممتلكات. كما تحدثت تقارير عن ارتفاع في منسوب نهر عطبرة، مما أدى إلى وصول كميات غير متوقعة من المياه إلى بحيرة سد مروي في شمال السودان.

وعلى الرغم من تأكيد السلطات المختصة بذل الجهود الممكنة، إلا أن البعض يرى وجود مخاوف مستمرة تتطلب استعدادات أكبر للحد من الخسائر الكارثية التي حدثت العام الماضي.

من أبرز الأسباب التي تعزز مخاوف تكرار كارثة الفيضانات في السودان هذا العام استمرار هطول الأمطار الغزيرة في الهضبة الأثيوبية وعدم اتخاذ أي خطوات لتوسيع مجرى النيل في الخرطوم والذي تم تضييقه بسبب التعديات الإنشائية خلال حقبة النظام السابق، إضافة إلى عدم وضوح الرؤية بشأن ملء بحيرة سد النهضة.

ووفقا لما تقوله إثيوبيا ويؤكده بعض الخبراء السودانيون، فإن السد الذي تبنيه إثيوبيا على النيل الازرق على بعد 15 كيلومترا من الحدود السودانية بتكلفة تقدر بنحو 5 مليارات دولار؛ سيقلل عن اكتماله خطر الفيضانات على السودان من خلال تنظيم تدفق المياه. لكن خلال مراحل الملء الأولية هذه تتزايد احتمالات التدفق العشوائي، أو الغير متوقع لمياه السد في اتجاه الأراضي السودانية، مما يزيد من احتمال حدوث فيضانات في بعض مناطق السودان؛ خصوصا أن سعة خزان الروصيرص السوداني الذي يبعد نحو 100 كيلومترا من سد النهضة لا تتعدى 10 في المئة من سعة السد الإثيوبي.

وفي هذا السياق يشير خبير السدود أبوبكر مصطفى إلى أن عدم قدرة إثيوبيا على استكمال مرحلة رفع الحوائط الخرصانية إلى 595 مترا والاكتفاء بمستوى 574 متر فقط قد يزيد من خطر حدوث فيضانات أكبر هذا العام رغم عدم وجود دلائل قاطعة حتى الآن.

ويشير مصطفى  إلى أن الفترة التي سبقت وقوع كارثة الفيضانات شهدت حالة من الارتباك في عملية تشغيل سد الروصيرص بسبب الملء الأولي المفاجئ لسد النهضة بمقدار 4.9 مليار متر مكعب.

تتركز المخاوف أكثر في مناطق ولايتي سنار الواقعة على ضفاف النيل الازرق والأكثر قربا من الهضبة الإثيوبية، وكذلك ولاية الخرطوم التي تقع معظم مناطقها بالقرب من ضفتي النيلين الأزرق والأبيض اللذان يلتقيان في منطقة "المقرن" في قلب العاصمة الخرطوم ليشكلان نهر النيل الذي يمتد إلى مصبه في البحر الابيض المتوسط في اقصى شمال جمهورية مصر.

وقال سليمان إن ولايته عملت منذ وقت مبكر على تأهيل وتخطيط وترحيل بعض المناطق المتضررة، وتمكنت من إعادة تسكين نحو 100 الف مواطن في مناطق آمنة وهم يشكلون أكثر من 30 في المئة من إجمال المتضررين في المنطقة.

وأشار سليمان أيضا إلى أن سلطات الولاية شاركت في حشد الجهود لتامين المزارع البستانية والتي تضرر 80 في المئة منها العام الماضي والتي تنتج محاصيل نقدية رئيسية كالموز والمانجو وغيرها.

أما بالنسبة لولاية الخرطوم فقد أوضح خليفة خليل جمعة مقرر اللجنة العليا لطوارئ الخريف أن الولاية أنجزت أكثر من 80 في المئة من الردميات والحواجز الترابية اللازمة لتقليل الخسائر في المناطق السكنية التي كانت أكثر تأثرا بفيضانات العام الماضي خصوصا جنوب وغرب العاصمة الخرطوم ومناطق شرق النيل.

وأكد جمعة أن غرفة طوارئ الخريف وضعت خطط آنية واخرى بعيدة المدى لتقليص أضرار أي فيضانات محتملة في المستقبل بما في ذلك مراجعة المنشآت والمباني التي يعتقد انها كانت سببا في تضييق مجري النيل في مناطق الخرطوم خلال السنوات الاخيرة.

واعتبر خبراء في مجال الري وهندسة الخزانات والمياه والإنشاءات أن السبب الرئيسي في كارثة إغراق آلاف المساكن في الأحياء الفقيرة في العاصمة الخرطوم العام الماضي يعود إلى أن هذه الرخص التي منحت تمت دون استشارة الجهات المختصة؛ وعلى رأسها وزارة الري لاستكمال شروط السلامة اللازمة لحماية الأحياء الفقيرة. وأدت هذه المشاريع مع مرور الزمن إلى تضييق مجرى نهر النيل، الذي لم يجد سبيلا عندما فاضت مياهه سوى اكتساح الأحياء الفقيرة. 

كما أن معظم الأضرار التي لحقت بالمناطق الواقعة خارج الخرطوم والبعيدة من النيل تسببت فيها عمليات بيع أراض ومخططات سكنية في أودية ومجاري سيول.

0 Comments: