ظهور علني لقيادي إخواني .. يخاطب الجماعات الإسلامية ويثير جدل في السودان
فاجأ القيادي الاخواني في النظام السوداني المعزول، علي كرتي، المطلوب قضائياً، سكان ولاية الجزيرة في وسط السودان، بظهوره علناً ومخاطبة حشد من أنصار حزبه المحلول «المؤتمر الوطني» الإسلاموي الذي كان يتزعمه الرئيس المعزول عمر البشير، الأمر الذي أثار جدلاً في السودان حول السماح له بعقد مثل هذا التجمع.
وقال كرتي إن «الحركة الاخوانية المتطرفة تقدم طرحها سلمياً لقيادة البلاد إلى بر الأمان في ظل التجاذب والصراع الذي تشهده الساحة السياسية، لكنها لن تنتظر طويلاً». وكشفت دوائر مقربة من الإسلاميين عن وجود خلافات كبيرة بين قيادات النظام المحظور الموجودة داخل السجون والقيادات بالخارج، حول التعاطي مع الأوضاع السياسية في البلاد، إذ ترى المجموعة الأولى أن قيادات الخارج لا تتحرك في اتجاه خيارات سياسية حقيقية تعيدهم إلى السلطة مرة أخرى.
وفي أكتوبر 2022، أعلنت النيابة العامة علي كرتي متهماً هارباً في بلاغ ضده بالمشاركة في انقلاب الإسلاميين على الحكم الديمقراطي في عام 1989 الذي قاده البشير، وطالبته بتسليم نفسه.
وأصدرت النيابة العامة أوامر بالقبض عليه في الدعوى الجنائية رقم 5650 للعام 2019 بموجب المادة (96 أ) من قانون العقوبات لسنة 1983، المقيدة ضده من لجنة التحري والتحقيق في انقلاب 1989. وكلف كرتي، وزير الخارجية الأسبق، بقيادة الحركة الإسلامية السودانية، بعد سقوط نظام البشير بثورة شعبية في أبريل (نيسان) 2019، ووضع قادته في السجون بتهمتي الانقلاب على النظام الديمقراطي والاشتراك الجنائي في قتل المتظاهرين.
وجدد كرتي في لقاء ولاية الجزيرة، اليوم (الأحد)، التزام الحركة الإسلامية وعضوية حزب «المؤتمر الوطني» المنحل، بالاصطفاف خلف القوات المسلحة باعتبارها الضامن الحقيقي لأمن السودان. ووصف كرتي الثورة التي أطاحت بنظامه بأنها «انقلاب ضد رئيس دولة منتخب، قادته أحزاب تتشدق بالديمقراطية، وتتخذ كافة الوسائل لتشويه صورة الإسلاميين».
ويرى المحلل السياسي، يوسف عمارة أبو سن، أن ظهور كرتي علناً في المشهد السياسي لا يخرج عن الحراك الذي تقوده التيارات الإسلامية لترتيب أوضاعها الداخلية، وينصب تركيزهم الأكبر في الاستعداد للانتخابات التي تلي الفترة الانتقالية المقبلة. وأضاف في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن قيادات الإسلاميين لها تقديرات مختلفة في التعامل مع الأوضاع السياسية الراهنة، مستبعداً أن يكون تأكيد التزام الإسلاميين بالوقوف خلف القوات المسلحة هو نوع من الغزل لأن «الإسلاميين ينظرون للجيش باعتباره القوى التي يمكنها مخاطبتها، وهذا الأمر يشكل مصدر خلاف داخل الإسلاميين أنفسهم».
وأضاف أبو سن أن خروج كرتي العلني يأتي في إطار العمل التنشيطي الذي بدأ وسط جماهير الإسلاميين لاستعادة القواعد التي فقدوها خلال المرحلة السابقة، ولا يفكرون على الأقل في الوقت الحالي أن يكونوا جزءاً من العملية السياسية الجارية حالياً في البلاد، كما أن بعض التيارات الإسلامية لا ترغب في أي تحركات يمكن أن تعرضهم للتضييق وتمنعهم من التحرك وسط جماهيرهم.
ورجح أبو سن وجود اختلاف في وجهات النظر بين قادة الصف الأول للنظام السابق، إذ تميل المجموعة الموقوفة في السجون إلى وجوب مواجهة أحزاب تحالف «الحرية والتغيير» وأيضاً المكون العسكري، من خلال نشاط سلمي ومظاهرات مستمرة، بينما تميل مجموعة كرتي للمهادنة السياسية باعتبار أن خيار التصعيد لن يكون مضمون العواقب.
ويشير المحلل السياسي إلى أن هناك مجموعة ثالثة تخلت عن العمل داخل التنظيم الإسلامي، وأسست حزب «حركة المستقبل للإصلاح والتنمية»، يعيب عليها كثير من الإسلاميين تصالحهم مع «ثورة ديسمبر (كانون الأول)» التي أسقطت النظام الذي ينتمون إليه سياسياً وفكرياً. وتزامن حديث كرتي مع التصريحات التي أطلقها عضو مجلس السيادة الانتقالي، الفريق ياسر العطا، التي دعا فيها قوى الثورة لعقد اتفاق ما مع التيار الإسلامي لتجنب التطرف الديني، وقطع الطريق أمام الانقلابات مجدداً في البلاد.
وفي وقت سابق كان قادة الجيش في مجلس السيادة يدعون إلى توسيع قاعدة المشاركة في الفترة الانتقالية المقبلة من كل القوى السياسية، عدا حزب «المؤتمر الوطني» المنحل. وكانت السلطة الانتقالية قد حلت الحزب، وصادرت جميع مقاره وواجهاته التابعة له.
0 Comments: