الخميس، 20 فبراير 2025

القوى السياسية المدنية في السودان: عقب تصريحاتها الاخيرة المتكررة..لماذا يعتبرها البرهان تهديدًا؟

 

البرهان

القوى السياسية المدنية في السودان: عقب تصريحاتها الاخيرة المتكررة..لماذا يعتبرها البرهان تهديدًا؟


اعتبر المحللون أن التصريحات المتكررة لقائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، ضد القوى السياسية المدنية ورئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، تمثل محاولة واضحة لتقويض الجهود المبذولة لتحقيق أهداف الثورة الشعبية التي أدت إلى الإطاحة بنظام الرئيس السابق عمر البشير. هذه التصريحات تعكس رغبة البرهان في الحفاظ على نفوذ الجيش في الحياة السياسية، وهو ما يتعارض مع المطالب الشعبية التي تدعو إلى فصل الجيش عن السلطة.

في سياق متصل، يظهر البرهان في خطاباته العامة ميلاً ملحوظاً لانتقاد القوى السياسية، حيث يوجه اتهامات مباشرة لقادتها، مهدداً بحرمانهم من العودة إلى البلاد. هذه الاستراتيجية تعكس محاولة منه لتقويض أي جهود قد تسعى لاستعادة الديمقراطية، مما يزيد من حدة التوتر بين الجيش والقوى المدنية التي تسعى إلى تحقيق الاستقرار السياسي في السودان.

في أحدث تصريحاته، وجه البرهان انتقادات حادة لرئيس الوزراء السابق حمدوك، مهدداً بعدم السماح له بالعودة إلى رئاسة الحكومة. كما اتهم أطرافاً غير محددة بمحاولة “فرض حمدوك” على الساحة السياسية، مشيراً إلى أن أي شخص يرغب في تولي الحكم في السودان يجب أن يكون مستعداً للمشاركة في القتال إلى جانب الجيش. هذه التصريحات تعكس رؤية البرهان للسلطة، حيث يفضل أن يكون الحكم في يد من يقاتلون حالياً مع الجيش، مما يثير تساؤلات حول مستقبل العملية السياسية في البلاد.


قام البرهان بتوزيع الاتهامات على زعماء القوى السياسية الذين يعارضون الحرب ويعملون من أجل تحقيق السلام، حيث أطلق عليهم وصف “العملاء الذين يتحدثون من الخارج باسم الشعب السوداني”.

شارك حمدوك، الذي يقود ائتلافًا سياسيًّا يُعرف باسم “صمود”، في قمة الاتحاد الإفريقي للرؤساء التي عُقدت في العاصمة الإثيوبية على مدى اليومين الماضيين، حيث تم مناقشة الأوضاع في السودان، بينما غاب البرهان نتيجة تجميد عضوية السودان في المنظمة الإفريقية.

المهدد الحقيقي

أشار المحلل السياسي داوود خاطر إلى أن الهجمات المستمرة لقائد الجيش على القوى السياسية المدنية تعود إلى أنها تشكل التهديد الوحيد لطموحات البرهان في البقاء في موقع السلطة.أشار في تصريح  إلى أن قلق البرهان من فقدان السلطة لمصلحة القوى السياسية يدفعه لمهاجمتها وتوجيه الاتهامات لها بغرض تشويه سمعتها في الساحة السودانية التي يهدف إلى السيطرة عليها بشكل منفرد.


وأشار إلى أن “البرهان يخشى بصفة خاصة من عبد الله حمدوك أكثر من قوات الدعم السريع التي تحاصره من جميع الاتجاهات، لأنه يستطيع التكيف مع الواقع الدموي والمعارك التي تضمن استمراره في الحكم. لكن القوى السياسية المعتدلة تهدد مشروعه الاستبدادي لأنها تعتمد على الكلمة والوعي كبديل للسلاح”.

أوضح أن البرهان يدرك شعبية حمدوك في الداخل والدعم الدولي الذي يتمتع به، مشيرًا إلى أنه يسعى لاستغلال الأوضاع المضطربة في السودان لتشويه صورة خصومه والمنافسين السياسيين من خلال تهم التخوين وغيرها مما يهدف إلى خداع الرأي العام السوداني.

وأكد خاطر أن البرهان لن يتمكن من تحقيق أهدافه؛ لأن الشعب السوداني يدرك حقيقته وحقيقة القوى السياسية وحمدوك. وأوضح أنه بمجرد انتهاء الحرب، سيخرج الشعب مرة أخرى إلى الشوارع للاعتراض على عسكرة الدولة وللمطالبة بحكم مدني، تجسيدًا لشعارات ثورة ديسمبر التي أنهت حكم البشير.

تصفية الثورة

قال المحلل السياسي صلاح حسن جمعة إن هجوم البرهان على القوى المدنية الديمقراطية يعد محاولة لتفكيك مشروع الثورة الشعبية التي أسقطت نظام البشير ورفضت تواجد الجيش في الحكم.

أفاد مصدر بأن البرهان يدرك تأثير القوى السياسية في تشكيل المشهد السياسي في البلاد، مشيرًا إلى أن هذه القوى قد عطلت خطته بعد الانقلاب الذي نفذه ضد حكومة حمدوك في 25 أكتوبر 2021، عندما قامت بتحفيز الشارع الذي شهد سلسلة من الاحتجاجات لم تنتهي إلا باندلاع الحرب المستمرة.

وأشار إلى أن “البرهان يسعى إلى إنهاء مشروع الثورة السودانية التي خرج فيها الشعب السوداني للمطالبة بالحكم المدني والتداول السلمي للسلطة، حيث دعمت قوات الدعم السريع هذه المطالب بعد أن تخلت عن الاستمرار في الانقلاب، في حين تمسك قائد الجيش بإعادة الأمور إلى ما كانت عليه”.

وقال إن “البرهان تراجع عن جميع وعوده للشعب الذي ثار ضد نظام الرئيس المخلوع عمر البشير، وقام بالانقلاب على الوثيقة الدستورية، ولكنه اليوم يسعى لتقديم نفسه كمخلص للسودانيين من هذه الحرب ويستغل قوى مصنوعة لتولي رئاسة البلاد”.

أشار إلى أن البرهان يواصل استهداف القوى السياسية الفاعلة التي تدعو إلى مشروع الحكم المدني وتبعد الجيش عن السياسة، لأنها تعمل على نشر الوعي بين السودانيين من خلال الكلمة وليس من خلال السلاح، وتتصدى لخطاب الكراهية، وتسعى لتوحيد السودانيين حول مشروع سياسي لحكم البلاد من خلال الانتخابات والتداول السلمي للسلطة.

وأضاف: “هذا هو السبب وراء هجوم البرهان على المدنيين، فهو يخشى أن يواجه نفس مصير البشير على أيديهم.”في آخر خطاب له، دعا البرهان نائب رئيس حزب المؤتمر السوداني، خالد عمر، إلى العودة والانضمام إلى الجيش وحمل السلاح.سرعان ما ردّ خالد عمر على البرهان بشكل ساخر، مؤكدًا أنه “يدعو إلى السلام، وليس إلى العنف والقتال، ولم يكن يومًا من مؤيدي الحرب أو الدمار”.


وأكد عمر في منشور على منصة “إكس” أن “الهدف الأساسي للقوى المدنية الديمقراطية هو تعزيز النسيج الاجتماعي بدلاً من تفتيته بخطابات الكراهية والتحريض”.وأضاف: “لا مهارة لدينا سوى السلام وإعادة البناء، ولم نكن يومًا من صناع القتل والدمار، وسنظل ملتزمين بهذه المبادئ حتى يجد السودان مخرجًا من هذا النفق المظلم، قريبًا وليس بعيدًا”.

0 Comments: