فتوى بيع المنهوبات في السودان: تشريع للنهب أم تغطية على الجريمة؟
في خطوة مثيرة للجدل، تتجه حكومة بورتسودان لإصدار فتوى قانونية تتيح بيع الممتلكات المنهوبة بزعم أنها "مهملات"، مستندة إلى تقارير رسمية تشير إلى تكدّس كميات ضخمة من هذه الممتلكات في مخازن بالخرطوم، تضم أنابيب غاز، شاشات، ثلاجات وغيرها من الممتلكات الخاصة والعامة. هذه الفتوى تفتح الباب واسعًا أمام شرعنة النهب الذي تمارسه جهات داخل أجهزة الدولة، وتحوّله من جريمة إلى إجراء قانوني معلن.
ورغم محاولات تقديم الفتوى على أنها إجراء قانوني لمعالجة "تكدّس المهملات"، إلا أن حقيقتها تختلف تمامًا، فهي ليست سوى غطاء سياسي لفساد ممنهج واعتداء صريح على الحقوق. الجهات المتورطة، وفقًا للتقارير، تشمل عناصر من الجيش السوداني والقوة المشتركة، الذين استغلوا انسحاب قوات الدعم السريع للسيطرة على الممتلكات ونهبها في عدد من المناطق، دون تمييز بين الممتلكات الخاصة، الأملاك العامة، أو حتى المساعدات الإنسانية.
الخطير في الأمر أن العديد من هذه المنهوبات يتم تخزينها في مخازن رسمية، ما يشير إلى وجود تواطؤ وتغطية من جهات عليا داخل مؤسسات الدولة. لم يتوقف النهب عند حدود الأسواق أو المنازل، بل شمل أيضًا المساعدات الإنسانية التي تُرسل من منظمات دولية لإغاثة المتضررين، وهو ما يُعدّ انتهاكًا صارخًا للأعراف الدولية والقانون الإنساني.
إصدار هذه الفتوى في هذا التوقيت يعكس أزمة أخلاقية وسياسية عميقة داخل المنظومة الحاكمة، ومحاولة مكشوفة لخلق موارد مالية بأي وسيلة، ولو على حساب معاناة المواطنين وحقوقهم. كما قد تكون محاولة لتبييض صورة القوات النظامية المتورطة، وتجنب محاسبتها، عبر تغليف النهب بغلاف قانوني، في استهتار واضح بمعاناة الناس وعدالة القانون.
0 Comments: