الكيزان… مشروع التخريب والتخوين
منذ لحظة استيلائهم على السلطة في 30 يونيو، مارس الكيزان أسلوباً واحداً في الحكم:من يعارضنا فهو خائن.سياسة بسيطة، ساذجة، لكنها كانت فعّالة في ترهيب الناس بينما كانوا هم يفككون مؤسسات الدولة ويحوّلون السودان إلى ساحة تمكين حزبي وفساد منظم.ثلاثون عاماً من الحكم لم تترك مجالاً للشك.
من بيوت الأشباح إلى إعدامات رمضان، من مجزرة العيلفون إلى قتل طلاب الجامعات، من نهب أموال البترول إلى تصفية مشروع الجزيرة—كلها جرائم سياسية موثقة، لا تحتاج لخبير حتى يدرك أنها لم تكن سياسات دولة، بل هدمٌ مقصودٌ لأسس الوطن.
إن أخطر ما فعله الكيزان أنهم اختطفوا الجيش وقدّموه للشعب باعتباره “المؤسسة الوطنية الوحيدة”.لكن الحقيقة كانت مرّة وواضحة:جيش أُعيد تشكيله عبر الولاء الحزبي لا عبر المهنية.ضباط مُبعدون لأنهم محترفون لا يحملون بطاقة التنظيم.ترقية تعتمد على الانتماء لا على الانضباط.تحويل الجيش من مؤسسة قومية إلى مظلة سياسية.
صناعة مليشيات موازية: دفاع شعبي، مجاهدون، كتائب ظل…دعم سريع . قوات مهمتها حماية السلطة، لا حماية السودان.لم يكن ذلك جيش دولة، بل جيش سلطة.ولم يكن ذلك دفاعاً عن الوطن، بل استخدام الوطن كدرع بشري لمشروع سياسي.عندما سقط المشروع… لجأ الكيزان لسلاحهم الأخير: تهديد السودانيين بوطنهم
اليوم، بعد كل تلك السنوات من الاستبداد، يظهر سلاح جديد في يد الكيزان:تهديد السودانيين بالحرمان من العودة إلى بلدهم إن وقفوا ضدهم.يا لسخرية التاريخ…من شرّد الملايين، ومن دفع الناس للمنافي، ومن جعل الجواز السوداني عبئاً في المطارات، هو نفسه الذي يقف اليوم ليقول:“لن نسمح لكم بالعودة.”
وكأن السودان ملكية خاصة، وكأنهم يملكون حق فتح أبوابه وإغلاقها.لكن الحقيقة أن من هجّر شعبه لا يملك أن يحدد من يعود.ومن كان سبباً في النزوح واللجوء لا يمكنه أن يدّعي حماية الوطن أو تمثيله.هذا التهديد ليس قوة سياسية، بل إعلان خوفٍ واضح من شعب قرر أن لا يعود للوراء.
إنه محاولة يائسة للسيطرة على بلدٍ تجاوزهم، وثورةٍ كشفت حقيقتهم، وجيلٍ لم يعد يخاف من لغة التخوين.الوعي السوداني اليوم يدرك شيئاً لا يمكن التراجع عنه: كرامة السودان لن تكون إطلاقاً بيد الكيزان. ولا يملك أي تنظيم أن يحتكر هوية وطن، أو يتحكم في حق الناس بالعودة إليه، أو يدّعي حماية بلدٍ مزّقه بيديه.
السودان سيكون بيد من يبنيه،
لا بيد من هدمه.
بيد من يحترم مواطنيه،
لا بيد من يهددهم بالنفي.
والتاريخ يكتب الجملة بوضوح لا لبس فيه:
السودان أكبر من أي مشروع يضطهده… وأكبر من الكيزان مهما رفعوا أصواتهم.وحينما قال المخلوع مخاطبا شيخه الترابي إن الدولة ملك للحركة الاسلامية فهو السقوط بعينه فالبشير لم يكن نموذجا لرئيس دولة وانما أداة في يد تنظيم لم يقدم سوى الخراب.

0 Comments: