الجمعة، 24 يوليو 2020

حسابات القوى المدنية المتعارضة تستنزف حكومة حمدوك..تجمع المهنيين يعترض على طريقة تعيين الولاة

توالت اعتراضات القوى الثورية السودانية على قرار رئيس الحكومة الانتقالية عبدالله حمدوك بتعيين الولاة المدنيين، مع أن الأسماء المعلنة جاءت بالتشاور والتنسيق مع تحالف قوى الحرية والتغيير، واستجابت لقدر كبير من مطالب التحالف الذي مارس ضغوطاً لإصدار التكليف قبل التوقيع على اتفاق السلام.وابدى تجمع المهنيين السودانيين، أبرز مكونات قوى الحرية والتغيير، الخميس، تحفظه على الطريقة التي اتبعت في تعيين حكام الولايات، لاعتمادها على منهج المحاصصة الحزبية وتخطي المعايير والاعتبارات المتصلة بمؤهلات المرشحين، وتجاهل قوى الحرية والتغيير بعض المرشحين وفرض آخرين يحظون بتزكية المجلس المركزي للتحالف الحكومي.

ومضى حزب الأمة القومي على النهج ذاته، وأعلن رفضه إجراءات تعيين حكام الولايات بسبب ما وصفه بـ”تجاوز المعايير”، وطالب منتسبيه بالانسحاب من مناصبهم، في وقت جرى فيه تمثيل الحزب على رأس إدارة ست ولايات، أهمها ولاية غرب دارفور التي تشهد اضطرابات، وقرر حمدوك تعيين رئيس هيئة محامي دارفور والقيادي بحزب الأمة، محمد عبدالله الدومة، واليا عليها.تركيز اختيار حمدوك على العناصر التي عملت ضمن هيئات مستقلة في الأقاليم طيلة السنوات الماضية وشخصيات لديها علاقات قوية داخل الولايات تمكنها من التواصل المباشر مع المواطنين، والحفاظ على تمثيل سياسي لبعض الولاة المحسوبين على أحزاب نشطت مع ثورة ديسمبر التي أطاحت بنظام عمر البشير.

وفقا للوثيقة الدستورية، يعد تعيين الولاة من سلطة رئيس الوزراء، على أن يعتمدهم مجلس السيادة، غير أن رئيس الوزراء دخل في مشاورات مطولة مع قوى الحرية والتغيير وحزبي الأمة القومي والمؤتمر السوداني، للاتفاق على الأسماء المرشحة قبل الإعلان عنها بشكل نهائي.وكانت هذه الخطوة أحد المطالب الرئيسية للمتظاهرين الذين شاركوا في الاحتجاجات ضدّ الرئيس السابق عمر البشير، وبموجبها يحل المحافظون المدنيون البالغ عددهم (18) محل العسكريين الذين كانوا يديرون شؤون الولايات خلال الفترة التي أعقبت التغيير.

الفاتح وديدي: بعض القوى وجدت أن تمثيلها لا يرقى إلى وزنها السياسي واعتبر حمدوك خلال مؤتمر صحافي، عقده مساء الأربعاء، تعيين الولاة المدنيين بداية للتغيير الفعلي، مؤكدا اعتماده على الترشيحات المقدمة من تحالف قوى الحرية والتغيير.وعيّن حمدوك سيدتين في منصب الوالي، وهما آمال عزالدين عثمان في منصب والي ولاية الشمالية، وآمنة أحمد المكي لولاية نهر النيل، وهو أمر مثار جدل في السودان بين قوى ترى أن العدد ضئيل ويشكل تكريساً لتهميش دور المرأة ومشاركتها، وبين آخرين شددوا على أن الأوضاع الأمنية والقبلية لا تسمح أصلا بوجود السيدات. ويعد تعيين حكام الولايات خطوة جديدة على طريق إزاحة فلول البشير من مؤسسات الحكم، وتضييق الخناق على القوى والحركات المحسوبة عليه، والتي تقاعست عن أداء مهامها في ولايات الهامش مع تصاعد الاشتباكات القبلية والاعتداءات المسلحة على المزارعين من مسلحين نشطوا في تلك المناطق وتوالي الاعتصامات التي تطالب بتصحيح الأوضاع.

وقال المحلل السياسي، الفاتح وديدي، إن التوافق حول الملفات المرتبطة بفترة الانتقال أضحى صعبا لتباعد المواقف، وأن الحكومة تحاول الوصول إلى أفضل الحلول بما يخفف من الضغوط التي تتعرض لها من الشارع، بجانب أن المشكلات القبلية متجذرة في الهامش وتصعّب مهمة التوافق بين جميع الأطراف.واضاف أن القوى المحسوبة على تحالف الحرية والتغيير أصبحت ممثلة في ولايات الهامش، وأن الاعتراضات الحالية بسبب توزيع التركة، لأن بعض القوى وجدت أن تمثيلها لا يزال ضعيفاً ولا يرقى إلى وزنها السياسي، وهذه الأحزاب تستهدف الحصول على قدر أكبر من التمثيل في الموجة الثانية من المحاصصة.

ولفت وديدي إلى أن التشكيل الحالي جاء بعد أن أرسلت التكتلات الرئيسية داخل الحرية والتغيير بقوائمها إلى رئيس الحكومة، إلى جانب قوائم أخرى أعدها كل من حزب الأمة وحزب المؤتمر يعتقد البعض من السياسيين أن الاهتمام برؤى القوى السياسية تجاه مواقف السلطة الانتقالية نوع من التسخين استعدادًا لحقبة جديدة من تاريخ البلاد تقوم على أساس الديمقراطية وتعدد الآراء، وقرارات تعيين الولاة لم يكن يجرؤ أن يتدخل فيها أحد في ظل وجود نظام البشير البائد، لكن السودان يعاني من أزمة ارتداء قوى محسوبة على الحكومة رداء المعارضة ما يؤدي إلى تفاقم المشكلات. لا ترتبط الخلافات حول تعيين الولاة بالقوى المدنية، بل طالت أيضاً الحركات المسلحة، إذ أن الجبهة الثورية التي انقسمت إلى جزأين لديها مواقف متباينة من الخطوة التي أقدم عليها رئيس الوزراء، واعترض جناح مني أركو مناوي، الأربعاء، على تعيين الولاة قبل التوصل إلى اتفاق سلام، في حين أن الجبهة الثورية التي يترأسها الهادي إدريس يحيى أبدت موافقة مشروطة على تعيينهم.

وتواجه الحكومة أزمة تلوح في الأفق بولايتي كسلا والقضارف، اللتين تشهدان اشتباكات قبلية متقطعة في إقليم شرق السودان، مع اعتراض المكونات الأهلية هناك على الشخصيات التي اختارها حمدوك للولايتين دون أخذ رأي مكونات الإقليم، وأعلن المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة التصعيد الثوري في كل محليات وولايات الإقليم، والدخول في اعتصام مفتوح بدءاً من الجمعة.
وأكد أستاذ العلوم السياسية بمركز الدراسات الدولية في الخرطوم، الرشيد محمد إبراهيم، أن الارتكاز على التوازنات في تعيين الولاة يشكك في نزاهة الانتخابات المقبلة، ووجود شخصيات حزبية على رأس الولايات قد يكون في صالح قوى على حساب أخرى، وهو ما يترجم ردة الفعل العنيفة داخل الولايات.واوضح أن طريقة اختيار الولاة تؤدي إلى زيادة الاستقطاب، والقوى المدنية خالفت ميثاق الحرية والتغيير الذي حظي بموافقة الشارع بعد أن تجاهلت تعيين الكفاءات وتفرغت للمحاصصات بينها، ما يشكل هاجساً للمواطنين الذين يتخوفون من اندلاع أعمال عنف قد تصعب السيطرة عليها.

وأشار إلى أن غالبية الولايات تعاني أوضاعاً هشة وتعيش في وقت اللاسلم واللاحرب، ومتوقع أن يواجه المدنيون صعوبات جمة في التعامل مع الأوضاع الأمنية التي قد تنفجر بين عشية وضحاها، إلى جانب أن السودان كان من الممكن أن يستفيد من الأسماء ذات الكفاءات العلمية في مواقع أفضل بالمركز، بدلاً من الزج بهم في مشكلات الأطراف المعقدة

0 Comments: