الاثنين، 1 فبراير 2021

تركيا تفشل في إدارة أزمة كورونا وتأمين اللقاحات

 


فشلت تركيا في طلب لقاح كوفيد-19. وهناك أسباب متعددة تقف وراء ذلك، بما في ذلك تباطؤ الدولة في تقديم الطلبات، وفشلها في إدارة المخاطر من خلال عدم التحوط من رهاناتها والاعتماد على لقاح واحد لفترة طويلة، وثقتها المفرطة في إنتاج لقاح محلي.

اسمحوا لي أن أشرح أكثر.

بحلول نهاية الصيف، اتضح أنه بحلول نهاية سنة 2020، ستقود 10-12 شركة بين أكثر من 100 شركة مرشحة سباق اللقاحات وأننا سنشهد أكثر من لقاح واحد فعال وآمن.

ولكن، ظلت العديد من الأسئلة بلا إجابة في جميع أنحاء العالم. أي من الطريقتين المستخدمتين في إنتاج اللقاح أفضل؟ هل هي اللقاحات المعطلة أو لقاح الحمض النووي الريبوزي المرسال، المعروف أيضا باسم "إم آر إن إيه"؟ كم عدد الجرعات المطلوبة لكل شخص؟ ماهي مدّة المناعة التي يوفرها اللقاح؟ والأهم من ذلك، ما هي الشركات التي ستفوز في السباق على إنتاج اللقاحات؟

إذا كانت الإجابات على هذه الأسئلة واضحة، لكان كل طرف قادرا على حساب احتياجاته بسهولة. ولكن عدم اليقين يحدد مسارا واضحا يكمن في عدم وضع كل البيض في سلة واحدة، إذ يجب توزيع طلبات اللقاحات بين الشركات الرائدة في الإنتاج، وتوقيع اتفاقية للقاحات أكثر مما هو مطلوب إجمالا.

كان الجميع يلاحق اللقاح بالتأكيد. وكانت هناك حاجة لاتخاذ إجراءات سريعة. وكانت جميع البلدان ذات القوة الشرائية سريعة في التحرك. باستثناء تركيا.

فعلى سبيل المثال، اتبع الاتحاد الأوروبي ما يلي: خطط لتشكيل حزمة طلبات لقاح تشمل ستة على الأقل مع لقاحين أو ثلاثة منتجة بكلتا الطريقتين. كان الأمر بسيطا جدا.

منذ حوالي ثلاثة أشهر، كتبت عن هذا وتساءلت عن تفاصيل صفقات تركيا حول اللقاح وعن تقنية الإنتاج التي ستختارها وماهية الاحتياطات التي أعدتها لتقليل المخاطر.

دعونا ندرس الطلبات التي قدمتها الدول اعتبارا من نهاية نوفمبر من حيث عدد الجرعات وأنواع اللقاحات.

كندا: 6.5 ضعف عدد السكان، ستة لقاحات مختلفة

المملكة المتحدة: 5.4 أضعاف عدد السكان، سبعة لقاحات مختلفة

الاتحاد الأوروبي: 4 أضعاف عدد السكان، ستة لقاحات مختلفة

الولايات المتحدة: 2.5 ضعف عدد السكان، ستة لقاحات مختلفة

اليابان: 2.3 ضعف عدد السكان، ثلاثة لقاحات مختلفة

المكسيك: 1.7 ضعف عدد السكان، أربعة لقاحات مختلفة

الهند: 1.6 ضعف عدد السكان، ثلاث لقاحات مختلفة

البرازيل: 1.2 ضعف عدد السكان، ثلاث لقاحات مختلفة

إندونيسيا: 0.8 ضعف عدد السكان، أربعة لقاحات مختلفة

تركيا: 0.6 ضعف عدد السكان، لقاح واحد

يُعدّ تاريخ تقديم طلبات اللقاحات مهمّا لأن التسليم يتم على أساس من تقدّم لنيلها أولا.  ووقّع الاتحاد الأوروبي في أكتوبر الماضي صفقة لقاحات تضاعف عدد سكانه. وإليكم طلبات التكتل منذ أغسطس:

27 أغسطس - 400 مليون جرعة (آسترازينيكا)

18 سبتمبر - 300 مليون جرعة (سانوفي وغلاكسو سميث كلاين)

8 أكتوبر - 200 مليون جرعة (جونسون آند جونسون)

11 نوفمبر - 300 مليون جرعة (فايزر وبيونتك)

17 نوفمبر - 405 مليون جرعة (كير فاك)

25 نوفمبر - 160 مليون جرعة (موديرنا)

المجموع (إلى حدود تاريخ 30 نوفمبر) – 1,765 مليار جرعة

تتم مشاركة هذه البيانات على موقع الاتحاد الأوروبي يوم توقيع الاتفاقيات. فهل كانت وزارة الصحة التركية تتابع هذه التطورات؟

بينما مرر الاتحاد الأوروبي الطلبات المذكورة أعلاه، عقد في البداية محادثات فردية مع 28 دولة عضوا وجمع مطالبها قبل التوقيع على أي اتفاقية. فلماذا يتأخر النظام الرئاسي التركي، الذي وُصف بأنه يتمتع بالقدرة على العمل بكفاءة عالية؟

تتغير التكاليف وفقا للطلبات، إذ يبلغ سعر لقاح موديرنا 25 دولارا ولقاح  فايزر وبيونتك 20 دولارا. ويتراوح بين 2 و6 دولارات لدى آسترازينيكا لتعهد هذه الشركة الكبيرة ببيع اللقاح دون محاولة تحقيق الأرباح حتى انتهاء الوباء.

ماذا ستفعل الدول التي أبرمت اتفاقيات لأعداد كبيرة من اللقاحات بالفائض؟ من المحتمل أنها ستكون سعيدة لأن هذا سيعني أنها انتصرت في المعركة ضد الوباء. وستحاول بيع اللقاح إلى البلدان التي لم تتحكم في تفشي المرض. وقد تقدم اللقاحات إلى البلدان ذات الموارد المحدودة.

تبدو هذه الدول مستعدة لتحمل مخاطر تقدر ببضعة مليارات من الدولارات من أجل التغلب على هذه الكارثة التي عصفت بالصحة والاقتصاد بسرعة. ولكي تلحق تركيا بالمكسيك، على سبيل المثال، كان عليها أن توقع اتفاقيات مع أربع شركات للحصول على 150 مليون جرعة من اللقاح بحلول نهاية نوفمبر. لكن تركيا لم توقع سوى اتفاق مع شركة سينوفاك للمستحضرات الدوائية الحيوية الصينية في نهاية نوفمبر لتلقي 50 مليون جرعة.

لم أذكر اتفاقية تركيا الموقعة في 9 ديسمبر مع فايزر وبيونتك مقابل 25 مليون جرعة لأن ذلك كان بعد نوفمبر. وعلى أي حال، من المرجح أن يصل هذا اللقاح في نهاية سنة 2021، حسبما صرح وزير الصحة فخر الدين قوجة، مع بقاء تركيا في نهاية لائحة المتلقين.

دعونا نطرح بعض الأسئلة مثل نوعية الهدف التي حددتها تركيا لطلب اللقاحات؟ لماذا فشلت في إبرام صفقات مع الشركات الغربية الأكثر موثوقية في العالم التي تنتج اللقاحات؟ ماذا سيحدث إذا واجه اللقاح الصيني مشاكل؟ أشارت التقارير الأولية من الحكومة إلى أن هذا اللقاح لن يُمنح لمن تجاوزوا سن 65 عاما، إذ لم يتم اختباره لهذه الفئة العمرية. فهل اختُبر اللقاح الصيني على كل فئة عمرية؟

تجري السلطات التركية الآن محادثات مع روسيا بشأن لقاح سبوتنيك، الذي تمت الموافقة عليه في أغسطس دون أي اختبار. ويخوض المرحلة الثالثة من الاختبار وبدأ اعتماده في الخامس من ديسمبر لمن هم دون سن الستين.

سأشرح سبب تراجع المعنويات فيما يتعلق بوضع اللقاح في تركيا من خلال اقتباس مقتطفات من مقابلة أجرتها صحيفة سوزكو مع وزير الصحة قوجة.

"اللقاحات المعطلة... هي لقاحات تقليدية وطبيعية. نحن نعلم عن آثارها القصيرة والمتوسطة وطويلة المدى... لا أتحدّث فقط عن آسترازينيكا، بل عن بيونتك أيضا. هناك لقاحات إم آر إن إيه...  ونتائجها على المدى المتوسط ​​والطويل غير معروفة".

لذلك، نرى هنا أن كبير مسؤولي الصحة في تركيا لا يعتبر لقاحات إم آر إن إيه موثوقة. ويبقى هذا مجرد افتراض لأنه لا توجد بيانات علمية تدعم هذه الفكرة. ولا تتصرف أي دولة طلبت اللقاحات على أساس أن هذا الافتراض صحيح. وإذا لم تكن هذه التقنية موثوقة، فلماذا تشتري تركيا لقاح بيونتك الذي يعتمدها؟

نعم، إن التأثيرات المتوسطة والطويلة الأمد للقاحات كوفيد-19 غير معروفة. ولكن هذا ينطبق على اللقاحات المعطلة أيضا. وتعتمدها آسترازينيكا اليوم. وعند سؤاله عن سبب فشل تركيا في شراء لقاح موديرنا، قال قوجة إن موديرنا لا تصدّره إلى الخارج.

موديرنا هي شركة أميركية. وكما يتضح من القوائم التي قدمتها أعلاه، فهي توفر اللقاحات إلى بلدان أخرى. وإذا طلبت تركيا لقاحات الشركة في الوقت المحدد، لكانت قد حصلت عليها.

وقال قوجة إن تركيا لن تطلب لقاحات بعد سنة 2021، لأنها ستعتمد ما انتجته محليا بحلول ذلك الوقت.

آمل أن يدخل لقاح فعال وموثوق محلي الصنع حيز التنفيذ في أقرب وقت ممكن وأن تستخدمه تركيا. لكن العمل على أساس توفّر اللقاح المحلي في مايو محفوف بالمخاطر. إذ تعجز حتى أكبر شركات الأدوية في العالم، التي تتمتع بقدرة تفوق المؤسسة المنتجة للقاح في تركيا، عن تقديم تواريخ دقيقة لطرح اللقاحات. ولا يوجد بلد يضع خططا على افتراض أن أي لقاح معين سيدخل حيز التنفيذ في تاريخ معين، حتى لو كان المنتج من دولته.


0 Comments: