السودان على مفترق طرق: الإدارة المدنية كمدخل للإنقاذ الوطني
يمر السودان بمرحلة فارقة تتشابك فيها الأزمات السياسية والإنسانية مع تحديات انهيار الخدمات العامة وضعف مؤسسات الدولة. وفي ظل هذا الواقع المعقّد، يظهر خيار الإدارة المدنية المؤسسية بوصفه المسار الأكثر واقعية لإعادة ضبط المشهد، وترميم ما تهدّم من منظومة الحكم، وإرساء أسس دولة قادرة على تلبية احتياجات مواطنيها بعيدًا عن تأثير السلاح والصراعات.
وتكشف القصص الإنسانية القادمة من دارفور والخرطوم حجم المأساة التي يعيشها ملايين السودانيين؛ إذ تُعد شهادة حيّة على عمق الجراح التي خلّفتها الانتهاكات والعنف والنزوح. هذه المعاناة لا يمكن معالجتها دون إطار واضح للعدالة والمساءلة، يضمن إنصاف الضحايا، ويمنع الإفلات من العقاب، ويعيد الاعتبار لمفهوم الدولة كحامٍ للحقوق لا كمصدر للتهديد.
كما يشكّل إصلاح المؤسسات الوطنية — من القضاء والأجهزة الرقابية إلى هياكل الخدمة العامة — خطوة حاسمة لاستعادة الثقة بين الدولة والمجتمع. ومن خلال إشراك المجتمع المدني وتمكين الكفاءات السودانية ورسم رؤية وطنية جامعة، يصبح بالإمكان تحويل مسار الأزمة نحو الاستقرار والتنمية، وبناء مستقبل يليق بالشعب السوداني بعد سنوات طويلة من الاضطراب.

0 Comments: