الثلاثاء، 25 مايو 2021

حول “النيل” .. أصوات طبول حرب جديدة في “إفريقيا” !

 

وصف الرئيس المصري، “عبدالفتاح السيسي”، مطلع نيسان/أبريل الماضي، بوضوح حق “مصر”، في “نهر النيل”، بالخط الأحمر، وأعلن أنه لن يسمح بنقصان قطرة مياه واحدة من حق المصريين في مياه “النيل”

جذور الأزمة..

وتعود بداية القصة إلى قيام “إثيوبيا” ببناء سد على مجرى “نهر النيل”، في إطار تدعيم بنيتها الوطنية التحتية، على نحو يساعدها في حل مشكلات الطاقة. ولذلكم النزاع سابقة تاريخية وتعود البدايات إلى العام 2011م، حيث غيرّت “إثيوبيا”، للمرة الأولى، مسار مجرى النهر بغرض تلبية احتياجاتها المائية وإطلاق أكبر محطة كهرومائية بـ”إفريقيا”.

في المقابل؛ تؤكد “مصر” على حقها التاريخي في هذا الممر المائي، بينما يقدم الجانب الإثيوبي، المشروع، في إطار التنمية الوطنية.

من جهة أخرى، يسعى المسؤولون المصريون إلى إبراز أهمية الموضوع ومطالبة أطراف دولية أخرى، كـ”البنك الدولي” و”الولايات المتحدة الأميركية”، للتدخل، بحيث لا يُفضي الموضوع إلى الإضرار بالدولة المصرية. بينما تنصب المساعي الإثيوبية الدولية على تأكيد حقوقها في “نهر النيل” عبر: “الاتحاد الإفريقي” و”مجلس الأمن”، التابع لـ”الأمم المتحدة”. ولطالما أكدت القيادة الإثيوبية على ضرورة الفصل في المشكلات الإفريقية بواسطة حلول إفريقية.

ويستند التأكيد المصري إلى حقبة الاستعمار البريطاني واتفاقية الأعوام: 1929 – 1959م، وتنص على حق “السودان” في الاعتراض على القيام بأي أعمال فوق مسار “نهر النيل”.

وبمرور الوقت؛ أصبح الموقف المصري، حيال السد الإثيوبي، أكثر اعتدالًا؛ ففي بداية الأزمة، عام 2011م، لم تسمح بالأمر، لكن في السنوات الأخيرة عبرت عن احترامها حق “إثيوبيا” في التنمية.

وفي العام 1978م؛ هدد الرئيس المصري، آنذاك، “أنور السادات”، بالحرب على “إثيوبيا”؛ حين أعلنت عزمها بناء سد. ورغم عقيدة القيادة الإثيوبية في أن بناء السد لن يضر المصالح المصرية والسودانية، لكن يعتقد الخبراء أن السد قد يُلحق أضرارًا بالغة للهيكل الاقتصادي والبشري “السوداني-المصري”، دون بلورة اتفاقية قوية.

تحذيرات الرئيس المصرى حول ملف سد النهضة :

في 30 آذار/مارس الماضي، حذر  “السيسي”؛ مجددًا، الدولة الإثيوبية، بأن الإدارة المصرية لن تتهاون في الدفاع عن حقوقها، حال بناء سد على مجري “النيل”، وأن المنطقة سوف تواجه خطر الاضطرابات الشديدة.

لكن من منظور القيادة الإثيوبية للتصريحات المصرية؛ لا تتجاوز الخدعة السياسية، لأن استنتاجاتها عن “القاهرة” تعكس ضعف احتمالات الهجوم العسكري.

ويسعى الطرفان للضغط على الطرف الآخر باستدعاء مساعدات دول الجوار. على سبيل المثال، وقبل التصريحات المصرية بنحو أسبوع، وقع الرئيس الأوغندي، (من دول الجوار الإثيوبي)، اتفاقية “عسكرية-أمنية”، مع الجانب المصري، مما ساهم في تعقيد حسابات دول المنطقة.

كذلك وفي نفس الأسبوع، نفذت الحكومة المصرية، بالتعاون مع الشريك السوداني الإستراتيجي، مناورات عسكرية، صنفها الخبراء ضمن سياسة الإدارة المصرية بشأن تحديد

خطوط حمراء للجانب الإثيوبي.

من جهة أخرى، أعلن الرئيس الإثيوبي، في أحد خطاباته، بعدم رغبة بلاده في الحرب، لكنها تستطيع حشد الملايين إذا تطلب الأمر حافظًا على السيادة الوطنية الإثيوبية.

و”إفريقيا”، كالكثير من نقاط العالم، تعاني من نقص المصادر المائية. ويعتقد الكثير من الخبراء في حتمية اندلاع الحرب بسبب المصادر المائية. كذلك يعتبر طقس شمال “إفريقيا” صحراوي و”النيل” هو

شريان الحياة الوحيد في هذه المنطقة.

و”مصر” و”السودان” من الدول التي تصارع نقص مياه الشرب. ويبدو بغض النظر عن القدرات اللازمة للدخول في حرب إثيوبية ضد “مصر” وحلفاءها، لن يحقق أي طرف مكاسب من الحرب المائية.

بعبارة أخرى لن تكون “إثيوبيا” قادرة بالدخول في حرب مهلكة على القيام بأي خطوات تنموية، وكذلك لن تتمكن “مصر”، عشية الحرب، من المحافظة على نفوذها القديم في المنطقة، لكن من ناحية أخرى لا يمكن تجاهل مسألة أن “النيل” يمثل شريان الحياة الرئيس للجانبين، المصري والسوداني، وأن أي إجراء من شأنه تقليص حصة من المياه سوف يتسبب في خسائر فادحة للهيكل الاقتصادي والبيئي للبلدين.

لذلك يتحسس المسؤولون، في “الخرطوم” و”القاهرة”، حيال هذا الشريان ويعتبرونها خطًا أحمر، ناهيك عن الضغوط الشعبية. والموضوع ينطبق على “إثيوبيا” أيضًا، التي تعتبر بناء السد جزء من مشروعات التنمية الوطنية، والشعب ينتظر حاليًا أن يرى قدرة الحكومة على اتخاذ قرارات بهذا الصدد؛ ولن تحصل أي من هذه الحكومات على مكانة شعبية مناسبة إذا لم تستطع تلبية وعودها للشعب.

0 Comments: