تعثر المفاوضات في جنيف نتيجة تدخلات الإخوان
انتهت محادثات جنيف المتعلقة بوقف الحرب في السودان، التي غاب عنها الجيش، دون تحقيق أي نتائج ملموسة أو آمال تُذكر. ومع ذلك، تركت وراءها بصيص أمل تمثل في الاتفاق على إيصال المساعدات الإنسانية من خلال مسارين. كما أعلنت عن بديل أطلق عليه “التحالف الدولي من أجل السلام وإنقاذ الأرواح في السودان”، والذي جاء غامضاً حيث لم يتضح دوره أو آليات عمله، أو ما يمكن أن يقدمه للسودانيين الذين دمرت الحرب حياتهم.
في بيانهم النهائي، أعلن أعضاء منبر جنيف عن تشكيل تحالف يهدف إلى إنهاء الصراع في السودان، ويشمل الولايات المتحدة والسعودية ومصر والأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي.
اكتفى المشاركون في المؤتمر بالإشارة إلى أن التحالف الجديد سيتعاون مع المجتمع الدولي لإقرار إجراءات أكثر فعالية لإنقاذ الأرواح، والعمل من أجل تحقيق السلام في السودان، ووضع قواعد سلوك جديدة للأطراف المتنازعة، بالإضافة إلى الالتزام بالاستمرار في حماية المدنيين والامتثال للالتزامات السابقة، دون توضيح كيفية الوصول إلى آليات تنفيذ هذه الأهداف.
أدى إصرار الجيش السوداني وحلفائه على استمرار القتال إلى مطالبة المواطنين والقادة السياسيين بحظر الطيران، خاصة بعد سقوط عدد من المدن والمراكز العسكرية بيد قوات الدعم السريع، ومع احتمالات تصعيد جديد للصراع، مما قد ينجم عنه مزيد من الأضرار الكبيرة التي تلحق بالمدنيين.
تشكيل تحالف لإنهاء النزاع في السودان سيتعاون مع المجتمع الدولي لتنفيذ تدابير أوسع لإنقاذ الأرواح والسعي نحو تحقيق السلام.طالبت أكثر من ستين تجمعاً مدنياً وسياسياً، يتميز معظمها بالطابع النسائي، بضرورة التوقف الفوري عن تسليح المواطنين، وفرض حظر على الطيران العسكري، ووقف استخدام البراميل المتفجرة. كما دعت إلى ممارسة الضغوط على الجانبين لإنهاء النزاع، وإدخال قوات دولية للمراقبة وحماية المدنيين. وفي حال رفض الطرفان وقف القتال، يتعين فرض عقوبات عليهما وإحالة جرائمهما إلى محكمة الجنايات الدولية.
قال المحلل السياسي والمحامي حاتم إلياس إن التحالف يعتمد على شرعية دولية قديمة، وهي “التدخل لأغراض إنسانية”، التي تم إعادة طرحها بقوة خلال فترة قيادة كوفي عنان للأمم المتحدة، حيث دعا آنذاك إلى تبني الأمم المتحدة لفكرة “التدخل لأغراض إنسانية وحماية المدنيين”، وهو مفهوم قديم في القانون الدولي ارتبط بالتدخل في المستعمرات التركية لحماية الأقليات المسيحية.
يرى إلياس أن التحالف المشار إليه يتجاوز كونه مجرد تحالف سياسي، فهو في الحقيقة تحالف يُعد العدة لتنفيذ فكرة التدخل العسكري في السودان لأغراض إنسانية ولحماية المدنيين.يرى المحلل السياسي (الجميل الفاضل) أن تصريح المبعوث الأمريكي، توم بيرلليو، خلال مؤتمره الصحفي قبل يومين، حول عدم رغبة دول التحالف في عودة الإسلاميين إلى الحكم في السودان، قد يكون “تمهيداً لتدخل عسكري بالإشارة إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة”.
قال: “إن الوصول إلى هذا الهدف بعد فشل المفاوضات لن يتحقق إلا بالقوة، إذ لم يتبق أمام التحالف سوى اللجوء إلى القوة، خاصة أن هدفه في تسهيل تدفق المساعدات واجه ردًا عسكريًا مباشرًا في دارفور، وهذه بمثابة رسالة لمن يسعون إلى إيصال المساعدات الإنسانية عبر إقليم دارفور”.
وأشار الفاضل إلى أن “تولي الحركة الإسلامية قيادة الجيش أغلق الأبواب أمام التحالف الدولي لتحقيق أهدافه، مما يترك له الخيار الوحيد وهو فرض هذه الأهداف بالقوة”.وأشار إلى أن “مفاوضات جنيف قد تكون الفرصة الأخيرة، وتوقع الانتقال إلى الخطة (ب) التي تم إعدادها من خلال مجلس السلم والأمن الأفريقي”.
0 Comments: