الأمم المتحدة تطلب 2.9 مليار دولار لدعم السودان في خطة 2026
يشهد السودان مستويات غير مسبوقة من الجوع وانهياراً واسعاً في الخدمات الصحية، في وقت أكدت فيه الأمم المتحدة أن نقص التمويل خلال العام الماضي ساهم بشكل مباشر في تفاقم المجاعة المعلنة في أجزاء واسعة من البلاد. وأوضح منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، توم فليتشر، أن الوضع الإنساني في السودان بلغ مرحلة كارثية، حيث يواجه المدنيون ظروفاً قاسية وسط استمرار النزاع وتراجع قدرة المؤسسات الصحية على تقديم الخدمات الأساسية.
أطلقت الأمم المتحدة وشركاؤها يوم الاثنين نداءً إنسانياً عالمياً لإنقاذ ملايين المتضررين من الحروب والكوارث المناخية حول العالم، مع تركيز خاص على الدول الأكثر تضرراً، وفي مقدمتها السودان الذي يواجه أسوأ أزماته الإنسانية منذ الاستقلال. وبحسب تقرير “اللمحة العامة عن العمل الإنساني العالمي لعام 2026″، يحتل السودان موقعاً متقدماً في أولويات النداء، حيث يحتاج المجتمع الدولي إلى 2.9 مليار دولار لتقديم مساعدات منقذة للحياة إلى 20 مليون شخص داخل البلاد، في ظل ما وصفته الأمم المتحدة بأنه أكبر أزمة نزوح في العالم حالياً. كما يحتاج اللاجئون السودانيون في دول الجوار إلى ملياري دولار إضافية لدعم ما يقارب سبعة ملايين شخص فرّوا من الحرب.
يتضمن التقرير الأممي 29 خطة مفصلة، أكبرها مخصص للأرض الفلسطينة حيث هناك حاجة إلى 4.1 مليار دولار للوصول إلى نحو ثلاثة ملايين شخص. أما أكبر الخطط الإقليمية فهي مخصصة لسوريا، حيث تبلغ 2.8 مليار دولار لتقديم المساعدات إلى ثمانية ملايين و600 ألف شخص. هذه الخطط تأتي ضمن إطار شامل يهدف إلى مواجهة الأزمات الإنسانية المتفاقمة في مناطق النزاع، مع إعطاء السودان أولوية قصوى نظراً لحجم الكارثة الإنسانية التي يشهدها.
أكد فليتشر أن السودان يعاني من مستويات كارثية من الجوع وانهيار واسع في الخدمات الصحية، مشيراً إلى أن نقص التمويل في العام الماضي ساهم في تفاقم المجاعة المعلنة في أجزاء من البلاد. ويأتي هذا النداء الأممي في وقت تراجعت فيه الاستجابة الإنسانية عالمياً، إذ لم يتلقّ نداء عام 2025 سوى 12 مليار دولار، وهو أدنى مستوى تمويل خلال عقد كامل، ما أدى إلى تراجع حجم المساعدات ووصول المنظمات الإنسانية إلى 25 مليون محتاج أقل من العام السابق.
حذر فليتشر من أن العاملين الإنسانيين في السودان يواجهون مخاطر غير مسبوقة، بما في ذلك الهجمات المباشرة، حيث سجّلت الأمم المتحدة مقتل أكثر من 380 عاملاً، وهو أعلى رقم على الإطلاق. كما أشار إلى تقليص برامج حماية النساء والفتيات وإغلاق مئات المنظمات الإنسانية بسبب نقص التمويل وانعدام الأمن، ما يفاقم من صعوبة الاستجابة الإنسانية في البلاد.
تشمل خطة الأمم المتحدة للعام 2026 دعم 135 مليون شخص في 50 دولة، بتكلفة إجمالية تبلغ 33 مليار دولار، بينما تُعطى الأولوية العاجلة لإنقاذ 87 مليون شخص بتمويل قدره 23 مليار دولار. وأكدت الأمم المتحدة أنها ستعمل خلال الـ87 يوماً المقبلة على حشد دعم الدول الأعضاء، “بواقع يوم واحد لكل مليون شخص نعمل على إنقاذهم”، داعية إلى محاسبة الجهات المسؤولة عن استهداف عمال الإغاثة وحماية جهود الاستجابة الإنسانية، ولاسيما في البلدان الأكثر تضرراً مثل السودان.

الوضع الموصوف في التقرير الأممي يعكس حجم المأساة التي يعيشها السودانيون يوميًا. نقص التمويل وانهيار الخدمات الأساسية، خاصة الصحية، يجعل الأزمة تتفاقم بسرعة. من الواضح أن السودان يحتاج إلى تحرك دولي عاجل قبل أن ينهار ما تبقى من البنية الإنسانية بالكامل.
ردحذفنداء الأمم المتحدة لجمع 2.9 مليار دولار دليل واضح على خطورة الوضع، خاصة مع ارتفاع معدلات الجوع والنزوح. إذا لم تستجب الدول المانحة بشكل أسرع، فستتجاوز الأزمة حدود الإنقاذ. السودان الآن في مركز أكبر أزمة نزوح في العالم، وهذا وحده يكفي لقرع جرس الإنذار.
ردحذفالمقارنة بين خطط الاستجابة في فلسطين وسوريا والسودان تظهر حجم الضغوط العالمية المتزايدة، لكن السودان يبدو في وضع أكثر هشاشة. الحرب دمّرت المؤسسات الخدمية، والناس الآن يواجهون الجوع والمرض دون حماية. الحل يحتاج تعاونًا دوليًا واسعًا وليس دعمًا مؤقتًا فقط.
ردحذف