الأحد، 7 ديسمبر 2025

خبراء: البرهان يعيد أخطاء البشير بملف القاعدة الروسية كورقة ضغط فاقدة الجدوى

 

البرهان


خبراء: البرهان يعيد أخطاء البشير بملف القاعدة الروسية كورقة ضغط فاقدة الجدوى


في ظل تصاعد التنافس الدولي على البحر الأحمر، تتباين الرؤى حول طبيعة السيطرة وأدواتها، حيث يرى خبراء أن التفوق الحقيقي لم يعد مرتبطاً بالقواعد العسكرية التقليدية، بل أصبح مرهوناً بالتقنية الحديثة والقدرة على إدارة المعلومات. هذا الطرح يعكس تحولات استراتيجية في المنطقة، إذ يتراجع دور القواعد البحرية أمام صعود الأقمار الصناعية والطائرات المسيّرة، ما يغير معادلة النفوذ الدولي ويضع القوى الكبرى أمام واقع جديد في سباق السيطرة.


خالد طه أكد أن التفوق في البحر الأحمر لا يتحقق عبر الموانئ أو القواعد التقليدية، بل عبر امتلاك التكنولوجيا المتقدمة التي تمنح القدرة على الرصد والتحكم. من جانبه، وصف فتحي الضو عرض حكومة بورتسودان لروسيا بأنه ابتزاز سياسي، فيما اعتبر معتصم عبدالقادر أن الحديث عن قاعدة روسية مجرد محاولة لتأجيج الموقف الأمريكي، نافياً وجود أي طرح رسمي في هذا السياق. هذه التصريحات تكشف عن تباين المواقف الداخلية تجاه ما يُثار حول النفوذ الأجنبي في البحر الأحمر.

السودان يمتلك موقعاً استراتيجياً على البحر الأحمر، إلا أن ضعف المؤسسات يعرقل تمرير اتفاقيات كبرى يمكن أن تمنحه دوراً محورياً في إدارة الممر البحري الحيوي. هذا الموقع الجغرافي يمنح السودان أهمية بالغة في حسابات القوى الدولية، لكنه في الوقت ذاته يواجه تحديات داخلية تعيق استثمار هذه الميزة، ما يفتح الباب أمام تنافس خارجي متزايد على المنطقة.


السباق نحو القواعد البحرية التقليدية يتراجع أمام تفوق الأقمار الصناعية والطائرات المسيّرة، حيث يؤكد خبراء أن السيطرة في البحر الأحمر لم تعد بالقواعد بل بالمعلومات والتقنية. التطور التقني يضعف جدوى القواعد التقليدية ويغير معادلة النفوذ الدولي، إذ أصبحت أنظمة الاستشعار والطائرات المسيّرة أدوات رئيسية في مراقبة الممرات البحرية وتأمينها، ما يقلل من أهمية القواعد العسكرية التقليدية.


من فلمنجو إلى الفضاء، تحسم الأقمار الصناعية صراع النفوذ في البحر الأحمر، فيما تقلل الطائرات المسيّرة وأنظمة الاستشعار من أهمية القواعد البحرية التقليدية. خالد طه جدد التأكيد أن التفوق الحقيقي في البحر الأحمر لمن يملك التقنية لا الموانئ، في وقت تخوض واشنطن وموسكو سباق نفوذ متصاعد، لكن المؤشرات تؤكد أن المستقبل سيكون للتقنية لا للقواعد، وهو ما يعكس تحولات جذرية في طبيعة الصراع الدولي على هذا الممر البحري الحيوي.


أعاد ملف القاعدة العسكرية الروسية المقترحة على سواحل البحر الأحمر فتح باب النقاش السياسي والإعلامي في السودان، بعد أن كشفت صحيفة وول ستريت جورنال أن الخرطوم عرضت على موسكو إنشاء أول قاعدة بحرية لها في القارة الأفريقية. الاتفاق المقترح يمتد لخمسة وعشرين عاماً، ويتيح لروسيا نشر نحو 300 جندي وأربع سفن حربية، بينها سفن تعمل بالطاقة النووية، في ميناء بورتسودان أو منشأة بحرية أخرى. ووفقاً للتقرير، فإن السودان سيحصل مقابل ذلك على أسلحة متطورة بأسعار تفضيلية، إلى جانب وعود روسية بالاستثمار في قطاع التعدين، خصوصاً الذهب الذي يمثل أحد أهم موارد الاقتصاد السوداني.



مصادر أمريكية حذرت القيادة السودانية من المضي في هذه الصفقة، مؤكدة أن أي تعاون أمني مع روسيا سيؤدي إلى زيادة عزلة السودان وتعميق الصراع الداخلي، فضلاً عن تهديد الاستقرار الإقليمي. مسؤول أمريكي شدد على أن إنشاء قاعدة بهذا الحجم سيضع السودان في مواجهة مباشرة مع واشنطن وحلفائها، ويعرضه لعقوبات إضافية ووقف الدعم الدولي، في وقت يعاني فيه البلد من أزمة إنسانية وأمنية متفاقمة.



الخبير العسكري والأمني اللواء هاشم أبو رنات يرى أن ملف القاعدة الروسية ليس جديداً، بل هو امتداد لمحاولات سابقة بدأت منذ عهد الرئيس المخلوع عمر البشير، الذي فتح الباب أمام موسكو للحصول على موطئ قدم في البحر الأحمر. ويشير أبو رنات إلى أن روسيا سعت منذ سبعينيات القرن الماضي إلى السيطرة على القرن الأفريقي عبر شبكة نفوذ تشمل إثيوبيا والصومال واليمن الجنوبي وجيبوتي، لكنها فشلت بعد انهيار الاتحاد السوفيتي. ويضيف أن البشير منح أيضاً تسهيلات لإيران وتركيا في بعض الجزر السودانية، ما أثار قلق الغرب والدول المجاورة، لكن ثورة ديسمبر 2019 أوقفت تلك الترتيبات.



ويؤكد أبو رنات أن البرهان بعد انقلابه الأخير بدأ يستخدم ملف القاعدة كورقة ضغط، ملوحاً به كلما واجه عزلة دولية، رغم إدراكه أن تنفيذ المشروع شبه مستحيل. ويحذر من أن الولايات المتحدة لا تتعامل مع هذه التهديدات باستخفاف، بل تأخذها على محمل الجد، مشيراً إلى أن مصالحها المنتشرة حول العالم تجعلها مستعدة لمواجهة أي محاولة روسية للتوسع في البحر الأحمر. ويخلص أبو رنات إلى القول إن البرهان يكرر أخطاء البشير، وأنه “يلعب بالنار” في وقت يواجه فيه السودان أزمة داخلية عميقة وصراعاً مفتوحاً على السلطة.



الكاتب والمحلل السياسي خالد طه، المتخصص في شؤون القرن الأفريقي، يصف التنافس الدولي على قاعدة فلمنجو البحرية بأنه جزء من “ماراثون صفري”، حيث لا يحقق أي طرف مكاسب استراتيجية حقيقية بقدر ما يمنع خصمه من تحقيقها. ويوضح أن البحر الأحمر، باعتباره أحد أهم الممرات المائية في العالم، يشهد سباقاً متصاعداً بين القوى الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة وروسيا، وكل طرف يسعى إلى تثبيت نفوذه عبر السيطرة على نقاط ارتكاز استراتيجية.



ويضيف طه أن السؤال لم يعد من سينجح في الحصول على القاعدة، بل هل ما تزال القواعد التقليدية ذات جدوى في ظل التحولات العسكرية نحو التقنية والمراقبة عن بُعد. ويشير إلى أن الولايات المتحدة تمتلك حضوراً عسكرياً راسخاً في المنطقة وشبكة تحالفات واسعة تمتد من الخليج إلى القرن الأفريقي، ما يمنحها قدرة كبيرة على التأثير في أي ترتيبات تخص الوصول البحري. في المقابل، تتحرك روسيا باستراتيجية تقوم على تقديم نفسها كقوة موازنة، مع عروض تسليح أقل ارتباطاً بالشروط السياسية، ما يجعلها منافساً لا يمكن تجاهله رغم محدودية نفوذها مقارنة بواشنطن.



يرى خالد طه أن التحول الأهم في المشهد العسكري العالمي هو تراجع القيمة التقليدية للقواعد البحرية، مؤكداً أن التطور الكبير في الأقمار الصناعية والطائرات المسيّرة وأنظمة الاستشعار بعيدة المدى جعل السيطرة لا تعتمد على وجود قواعد ضخمة، بل على نقاط مراقبة تقنية توفر معلومات دقيقة وتتيح إدارة العمليات عن بعد بكلفة أقل ومخاطر أدنى. ويضيف أن هذا التحول يجعل السؤال الحقيقي ليس من ينجح في الحصول على قاعدة، بل ما جدوى الفوز بها إذا كان المستقبل يتجه نحو تفوق معلوماتي يعتمد على التقنية لا على احتلال المساحات.



ويشير طه إلى أن السودان يمتلك موقعاً جغرافياً بالغ الأهمية يمكن أن يشكل ورقة ضغط في التوازنات الدولية، لكن ضعف الدولة وانقسام المؤسسات وتراجع قدرة النظام السياسي على اتخاذ قرارات استراتيجية يحول دون استخدام هذه الأوراق بشكل فعّال. ويؤكد أن تمرير اتفاق بحجم قاعدة روسية يتطلب مؤسسات قوية وشرعية غير متوفرة حالياً، وهو ما يجعل هذه الطموحات غير قابلة للتنفيذ. كما يوضح أن تحذيرات واشنطن من أن إنشاء القاعدة سيؤدي إلى زيادة عزلة السودان وتعميق الصراع تكشف عن استعدادها لاستخدام أدوات ضغط تشمل العقوبات على الأفراد والكيانات، ووقف أو تقييد الدعم الدولي، وإعفاء الديون، إضافة إلى التأثير على المواقف الإقليمية خاصة في دول الخليج وأوروبا. ويخلص طه إلى أن التفوق الحقيقي في البحر الأحمر سيبقى لمن يملك التقنية والسيطرة على المعلومات، لا مجرد قاعدة بحرية على الشاطئ.



الكاتب والمحلل السياسي فتحي الضو وصف العرض الذي قدمته حكومة بورتسودان لروسيا بمنحها قاعدة عسكرية على البحر الأحمر بأنه ابتزاز سياسي لا أكثر. وسخر في حديثه من التصريحات التي شغلت بعض الأوساط حول القاعدة الروسية، معتبراً أنها مجرد “مضحكة” ولا تحمل أي مردود يمكن التعويل عليه. وأكد أن الأمر لا يعكس تحالفات جديدة أو صراع نفوذ كما يُشاع في الإعلام، بل هو مجرد عملية إلهاء للمواطنين، مشيراً إلى أن مثل هذه القضايا تثير الاهتمام لفترة قصيرة ثم تُنسى سريعاً.



ويرى الضو أن رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان يظن أن ملف القاعدة الروسية يمكن أن يمنحه أوراق ضغط في مواجهة الولايات المتحدة، لكنه في الواقع لا يحمل أي قيمة حقيقية. وأضاف أن كثيراً من الدكتاتوريين يعتقدون أن امتلاك منافذ بحرية مؤثرة يمنحهم القدرة على التلاعب في الموازين الدولية، لكنهم يفتقرون للحس السياسي ويغفلون عن المعطيات الواقعية التي تحكم المنطقة. وأوضح أن هذه التصرفات تكشف عن عقلية لا تدرك حجم التعقيدات الدولية، وأنها مجرد محاولات للظهور الإعلامي دون أي أساس استراتيجي.



يؤكد الكاتب والمحلل السياسي فتحي الضو أن البحر الأحمر يمثل منفذاً استراتيجياً بالغ الأهمية، لكنه يشدد على أن الواقع السوداني لا يسمح بالتعامل مع هذا الملف بالسهولة التي تتحدث بها حكومة بورتسودان. ويقول إن بلداً يعيش حرباً داخلية ويعجز حتى عبر الإغاثة الدولية عن إطعام الجوعى والمحتاجين من أبنائه، لا يمكنه أن يطرح ملف قاعدة بحرية كأنه إنجاز سياسي أو اقتصادي. ويضيف أن مثل هذه الخطوات لا تؤدي إلا إلى زيادة عزلة السودان دولياً، وهو ما عبر عنه مسؤول أمريكي حين أكد أن هذه التحركات ستفاقم عزلة حكومة بورتسودان وتضعها في مواجهة مباشرة مع المجتمع الدولي.


ويرى الضو أن هذه القضايا خاضعة لتقديرات دولية معقدة وحسابات سياسية دقيقة، وأنها ليست مجرد تصريحات عابرة، بل يتم التعامل معها في أروقة الأمم المتحدة والإدارة الأمريكية بجدية، حتى وإن بدت في الداخل مجرد ظواهر طارئة. ويشير إلى أن مثل هذه المواقف لا تحتاج إلى اجتهاد كبير من جانب القوى الدولية، فهي تدرك أن السودان يعيش أزمة إنسانية وأمنية عميقة، وأن أي حديث عن قواعد بحرية في هذا التوقيت لا يعدو أن يكون محاولة لصرف الأنظار عن الواقع المرير. وينصح الضو المواطنين بعدم الانشغال بهذه الملفات الإعلامية، والتركيز على مواجهة الانتهاكات والمعاناة اليومية التي يعيشها الشعب السوداني، مؤكداً أن مأساة الحرب تتضاعف بما وصفه بـ “المهازل” التي تصدر عن المسؤولين في حكومة بورتسودان.



الخبير العسكري والأمني اللواء د. معتصم عبدالقادر يرى أن إعادة طرح ملف القاعدة الروسية في هذا التوقيت يهدف إلى تأجيج الموقف الأمريكي ضد السودان وتحويله إلى موقف أكثر تشدداً تجاه الحكومة والشعب. ويشير إلى أن الرئيس الأمريكي تلقى مؤخراً تنويراً من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان حول الأوضاع في السودان والمنطقة، ما جعله يتعهد بالتعامل مع الملف بطريقة مختلفة وأكثر صرامة.



وينفي عبدالقادر أن تكون الحكومة السودانية قد قدمت عرضاً رسمياً لروسيا في هذه المرحلة، مؤكداً أن موسكو منشغلة بحربها في أوكرانيا وليست لديها توجهات لفتح قواعد جديدة في البحر الأحمر أو غيره. ويضيف أن روسيا تسعى حالياً إلى تخفيف أعبائها العسكرية، وهو ما ظهر في انسحابها من بعض المواقع في سوريا، ما يعكس رغبتها في تقليص التزاماتها الخارجية. ويرى أن الحديث عن قاعدة روسية في السودان لا يتجاوز كونه محاولة سياسية لإثارة الموقف الأمريكي، وليس مشروعاً واقعياً مطروحاً على الطاولة.



الخبير العسكري والأمني اللواء د. معتصم عبدالقادر شدد على أن السودان يمتلك الحق السيادي في منح أي جهة قاعدة عسكرية على سواحله، مشيراً إلى أن الموقع الجغرافي للبلاد يمنحه أهمية استراتيجية استثنائية في البحر الأحمر. وأوضح أن الضفة الغربية للبحر الأحمر تخضع لسيطرة إريتريا ومصر والسودان، بينما يظل الجزء الصومالي ضعيفاً وصغير المساحة، ما يجعل السودان في موقع متقدم بفضل موانئه العميقة مثل ميناء أبو عمامة الذي لم يتم تشغيله بعد، ويتميز بقدرة كبيرة على استيعاب السفن الضخمة.


وأكد عبدالقادر أن السودان يمكن أن يلعب دوراً محورياً في أمن البحر الأحمر، خاصة أنه يقع مقابل السعودية ومجاور لمصر، وهو ما يمنحه قيمة استراتيجية مضاعفة عند تقاطع طرق التجارة العالمية بين شرق أفريقيا وأوروبا والشرق الأوسط وآسيا. وأضاف أن هذه الميزة تجعل السودان لاعباً أساسياً في أي ترتيبات تخص أمن البحر الأحمر، لكن الحكومة السودانية لم تطرح في هذا التوقيت أي اتفاق لإنشاء قاعدة روسية، ولم تستخدم الملف كورقة تفاوضية في أي مرحلة. وشدد على أن الخرطوم تدرك تماماً حساسية هذا الملف، وأن الحديث عنه في الإعلام لا يعكس واقعاً سياسياً أو تفاوضياً قائماً.

0 Comments: