الثلاثاء، 17 سبتمبر 2024

تصعيد إخواني لمنع وقف الحرب في السودان... ما علاقة علي كرتي؟

 

علي كرتي


تصعيد إخواني لمنع وقف الحرب في السودان... ما علاقة علي كرتي؟

وضع التيار الإسلامي في السودان المزيد من العراقيل أمام محاولات وقف الحرب، بعد أن اختار قادته لرئاسة التيار وزير الخارجية السوداني السابق علي كرتي، الذي يعبّر عن التيار الرافض لوقف إطلاق النار، وكان من الأسباب الرئيسية لاندلاعها.

ووفق ما نقل  فقد اختار ما يُسمّى بـ (التيار الإسلامي العريض) علي كرتي رئيساً له، خلفاً للمنتهية ولايته عمر الأمين الحسين، عقب اجتماع لمجلس رئاسة التيار أول من أمس، ممّا يشير إلى أنّ التوافق على القيادة الإسلامية جاء دون اعتراضات، مع ضعف تأثير الحركات والأحزاب، مقارنة بالحركة الإسلامية التي شغل كرتي فيها منصب الأمين العام.

ويتكون التيار الإسلامي من الحركة الإسلامية، ومنبر السلام العادل، وحركة الإصلاح الآن، وفصيلين من جماعة الإخوان المسلمين، وحزب دولة القانون والتنمية، إلى جانب تحالف العدالة القومي، وتيار النهضة، ومبادرة وحدة الصف.

وقال المتحدث باسم التيار الإسلامي العريض، حسن عبد الحميد، في تصريح صحفي: إنّ اجتماع المجلس الرئاسي للتحالف في دورته الثامنة عُقد بكامل عضوية المجلس.وتحفظ عبد الحميد عن ذكر الطريقة التي تم بها الاجتماع ومكان انعقاده، لكنّه أكد أنّ التيار يمارس نشاطه من داخل السودان، رغم أنّ الكثير من قادة الإخوان متوارون عن الأنظار، ومنهم علي كرتي.


وبحسب صحيفة ، فقد بدأ التيار الإسلامي يكشف أوراقه السياسية، ويُظهر رغبته الملحة في استمرار الصراع أطول فترة ممكنة؛ فاختيار كرتي، الهارب من سجن كوبر بعد الحرب، الهدف منه إعادة ترتيب التيار، والبرهنة على الرغبة العارمة في السيطرة مرة أخرى على السلطة.

وقال المحلل السياسي السوداني حاتم إلياس: إنّ "الواقع يشير إلى أنّ علي كرتي اختار نفسه رئيساً للتيار العريض، وليس التنظيم الإسلامي، وذلك من واقع سيطرته الكاملة على مجموعات الإسلاميين، وتقديم نفسه كشخصية قيادية صارمة في الالتزام بمشروع الإسلاميين، ويشي وجوده على رأس التيار العريض برغبته في الانتقال بالتنظيم إلى مرحلة تكون فيها الحركة الإسلامية والإخوان تحت مسمّى جديد".

وأضاف أنّ "اختيار كرتي يشير أيضاً إلى وجود انشقاق داخل جماعة الإخوان في السودان، خاصة بين الجناح الذي يقوده كرتي وجناح إبراهيم غندور وعدد من حلفائه ممّن لهم صلات بحزب المؤتمر الوطني المنحل، وهي مجموعة تحاول أن تقدم حلولاً متوازنة تنقذ الإخوان من ورطة الحرب، فيما يقود كرتي التيار المعارض لوقف الحرب".

وشدد إلياس على أنّ اختيار كرتي هو استباق لمفاوضات وحوارات من المقرر أن يقوم بها التيار المعتدل مع بعض دول الإقليم، لبحث إمكانية وقف الحرب، وتعيين كرتي يهدف إلى قطع الطريق على هذا المسار.

ولفت إلى أنّ القيادي المتشدد لا يعتمد فقط على مركزيته في الحركة الإسلامية، وإنّما هناك أبعاد مناطقية يمثل من خلالها أبناء شمال السودان الغالبية العضوية المؤثرة في التنظيم، ممّا يشير إلى أنّ التطور الحالي يعبّر عن "انشقاق داخل منظومة الإسلاميين".

وأوضحت المحللة السياسية السودانية شمائل النور أنّ الجماعات التي تُوصف بأنّها إسلامية ليست على قلب رجل واحد، وهناك العديد من التيارات، من بينها الجناح الداعم للحرب ويقوده كرتي، ممّا يجعل اختياره على رأس التيار العريض منطقيّاً، خاصة أنّه عمد منذ سقوط نظام البشير إلى عقد صفقات مع المكون العسكري.

وأشارت في تصريح  إلى أنّ "كرتي اختار الاقتراب من البرهان عقب اندلاع الحرب مع قوات الدعم السريع، وسيلعب دوراً سياسياً عبر موقعه الجديد، بما يتماشى مع طبيعة المرحلة التي يراد لها أن يُحكِم فيها العسكريون السيطرة على مفاصل السودان".

وذكرت أنّ قدرة الإسلاميين على تحقيق مكاسب من وراء وجود كرتي ليست محسومة، رغم العلاقة الوطيدة التي تربطه بالبرهان، فالأخير يتعامل مع الحركات الإسلامية على أنّها ورقة يريد الإمساك بها لتحقيق مكاسب، لكنّه قد ينتقل أيضاً إلى ورقة قوى الثورة لإرضاء طموحه الشخصي في البقاء على رأس السلطة.

ويقود كرتي تياراً تبنّى منذ اندلاع الثورة ضد الرئيس السابق عمر البشير فكرة التحالف مع قائد الجيش السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان، والعمل على إضعاف الفترة الانتقالية بعمل منهجي لتقسيم قوى الثورة بدلاً من الانقلابات المباشرة التي اعتاد عليها السودانيون عبر الانقضاض على قيادة الجيش.

وسعى كرتي لاستعادة النفوذ الإسلامي والتحكم في مفاصل الدولة، والدفع باتجاه خيار الانتخابات المبكرة دون إصلاحات تضمن نزاهتها، ممّا دعم حظوظه السياسية عقب الانقلاب على السلطة المدنية في تشرين الأول (أكتوبر) 2021، ونجحت خطته في إلغاء قرارات لجنة تفكيك نظام الثلاثين من حزيران (يونيو)، وعودة الكثير من فلول البشير إلى مواقع مهمة في سلك القضاء وقطاع الخدمة المدنية ومؤسسة الجيش.

ومواقف الأمين العام لـ (الحركة الإسلامية) في السودان علي أحمد كرتي وتصريحاته تؤكد رفضه القاطع لأيّ هدنة مع قوات الدعم السريع.

ورأى كرتي، في تصريحات سابقة  أنّ الشعب السوداني لن يقبل بأيّ هدنة مع قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو "الشهير بحميدتي"، بحجة أنّه تحالف مع الأجنبي على انتهاك سيادة البلاد، لتدمير جيشها ومؤسساتها الأمنية والعدلية والقانونية، وفق قوله.

وكانت الولايات المتحدة قد فرضت في 28 أيلول (سبتمبر) 2023 عقوبات جديدة تتعلق بالسودان، استهدفت وزير الخارجية السوداني السابق علي كرتي؛ بسبب سياساته التي تهدد السلام والأمن والاستقرار في السودان.

وقد عمل علي كرتي وزيراً للخارجية خلال حكم البشير، وقاد الجهود التي استهدفت إحباط تقدم السودان نحو تحول ديمقراطي كامل باستهداف الحكومة المؤقتة السابقة التي قادها مدنيون واتفاقية الأطار؛ ممّا ساهم في اندلاع الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

ويعمل كرتي هو وغيره من الإسلاميين السودانيين المتشددين على عرقلة الجهود المبذولة للتوصل إلى وقف إطلاق النار لإنهاء الحرب الحالية بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، ومعارضة المدنيين السودانيين، وفق وزارة الخارجية الأمريكية.

0 Comments: