قصة وصول الإخوان المسلمين إلى الحكم في السودان.. ماذا فعلوا؟
في منتصف العام 1948، كانت نخبة صغيرة من السودانيين تعصب عمائمها بإحكامٍ شديد وبأسلوبٍ يختلف قليلاً عما هو شائع لدى السواد الأعظم من عامة الناس وأقرب إلى طريقة أهل صعيد مصر، تجتمع ليلة الخميس في منزل متواضع بإحدى ضواحي الخرطوم، وتنشد: "يا معشر الإخوان لا تترددوا عن حوضكم حيث الرسول محمد/ نادتكم الفردوس فامضوا نحوها في دعوة الإسلام عزوا واسعدوا". وكان ظن أهل الحي، إنّها في الغالب طريقة صوفيّة ما، رغم غرابة إنشادها، كانت هذه الخليِّة الأولى لجماعة الإخوان المسلمين السودانية، وهكذا ظلّت لأعوام طويلة إلى أن انضم إليها حسن الترابي، فقلب كل شيء رأساً على عقب، ولم يسلم من ذلك حتى اسمها.
قبل ذلك بأعوام، العام 1944 تحديداً، أرسل مؤسس الجماعة حسن البنا، فريقاً استطلاعيّاً إلى السودان برئاسة الأمين العام لجماعته عبد الحكيم عابدين ودليله الطالب السوداني في مصر آنذاك جمال الدين السنهوري، طاف معظم مدن البلاد مُبشراً بالجماعة شارحاً أفكار الإخوان، أعقب ذلك تكوين أول أسرة إخوانية (خليّة) في السودان مرشدها رجل اسمه علي طالب الله إلى أن أعلنت الجماعة عن نفسها العام 1954 بذات اسمها في مصر.
منذ ذلك الوقت وإلى بروز جبهة الميثاق الإسلامي العام 1964 (تحالف الإخوان والسلفيين والطريقة التيجانية الصوفية)، من أجل خوض غمار الانتخابات النيابية، ظلت الجماعة متماسكة ونخبوية ومحدودة، إلى أن انتخب حسن الترابي أميناً عاماً لها 1969، فأحدث طفرة تنظيمية وفكرِّية مستفيداً من تعليمه في إنجلترا وفرنسا وتأثره بالفلسفات الغربية، فكان أن خرج عنه معظم الرواد الأوائل من مؤسسي الجماعة، مثل؛ الرشيد الطاهر، ومحمد صالح عمر، ومدني سبال، وجعفر شيخ إدريس، وعلي جاويس والشيخ برات الذي كان يكفّر الترابي.
0 Comments: