سياسة التمييز التعليمي: امتحانات الشهادة الثانوية تكشف مخطط الانقلابيين لتقسيم السودان
في خطوة تعكس عمق التمييز وتشجيع الانقسام المجتمعي، مضت سلطات الانقلابيين في بورتسودان نحو تنفيذ أجندتها السياسية باستخدام التعليم كأداة لتحقيق مصالحها الضيقة. وأُعلن عن انطلاق امتحانات الشهادة الثانوية في مناطق محددة دون سائر ولايات السودان، وهي سابقة خطيرة تحدث لأول مرة في تاريخ البلاد منذ استقلاله، باستثناء سياسة "المناطق المقفولة" التي فرضها المستعمر إبان فترة الاحتلال.
هذه الخطوة غير المسؤولة تعكس تجاهلًا تامًا لمستقبل مئات الآلاف من الطلاب السودانيين المنتشرين في بقية المناطق التي تعاني من تداعيات الحرب والصراعات. فبينما تتأزم أوضاع التعليم في ولايات عديدة نتيجة غياب الاستقرار، يُستخدم هذا الظرف العصيب كورقة ضغط سياسي لمفاقمة الانقسام، وإقصاء شريحة كبيرة من الطلاب عن حقهم المشروع في التعليم العادل.
التمييز بين الولايات السودانية في العملية التعليمية بهذا الشكل، يكشف بوضوح حجم التآمر على وحدة السودان ومؤسساته الأساسية. كما أن تركيز الامتحانات في مناطق بعينها يوحي بمحاولة خلق واقع مُقسم يعزز هيمنة السلطة الانقلابية على أجزاء معينة من البلاد، دون اعتبار لأبناء الولايات الأخرى الذين تزداد معاناتهم جراء الحرب وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية.
إن التعليم، الذي يُفترض أن يكون قاطرة لوحدة الشعوب ونهضتها، بات اليوم ضحية للصراعات السياسية الضيقة. هذه الممارسات تؤدي إلى حرمان الطلاب من حقوقهم الدستورية في التعليم، وتهدد مستقبل أجيال بأكملها، في وقت يحتاج فيه السودان إلى تماسك مجتمعي وجهود مشتركة لإعادة البناء وتحقيق الاستقرار.
في النهاية، تبقى هذه السياسة التعليمية الانقسامية مؤشرًا خطيرًا على استمرار نهج التمييز والتلاعب بمصير المواطنين، ما يتطلب تحركًا وطنيًا واسعًا لمواجهة هذه المخططات. السودان يحتاج إلى تعليم يوحد ولا يُفرق، تعليم ينقذ مستقبل الطلاب بدلاً من أن يكرس أزمات جديدة قد تُفاقم من معاناة البلاد.
0 Comments: