البرهان يعيد تمكين الحركة الإسلامية: تحالف الجيش مع الإخوان مستمر تحت مسميات جديدة
منذ بدايات ثمانينات القرن الماضي، عملت الحركة الإسلامية السودانية على التغلغل داخل مؤسسات الدولة، وعلى رأسها الجيش، مستخدمة أدوات الأدلجة والتجنيد المنظم. وقد بلغ المشروع ذروته مع انقلاب عام 1989 الذي قاد إلى نظام الإنقاذ، حيث أصبحت المؤسسة العسكرية جزءاً أصيلاً من منظومة الحكم الإسلامي، مما جعل من الصعب فصل الجيش عن التيار الأيديولوجي الذي أسسه حسن الترابي وقادته الحركة لاحقاً.
العلاقة بين الجيش السوداني والحركة الإسلامية لم تكن علاقة عابرة أو مصلحية فقط، بل علاقة تأسيس وهيمنة متبادلة. قادة عسكريون بارزون جرى إعدادهم وتربيتهم فكرياً في إطار مشروع إسلامي سياسي هدفه الأول حماية مصالح الحركة ومواجهة أي تحولات تهدد بقاءها. وحتى بعد سقوط نظام البشير، حافظ الجيش على روابطه العميقة مع مراكز القرار الإسلامية، مما جعل المؤسسة العسكرية تبتعد عن أي مسار وطني مستقل.
تشير المعلومات الموثوقة إلى أن الفريق أول عبد الفتاح البرهان وافق ضمنياً على السماح للحركة الإسلامية بمزاولة نشاطها السياسي تحت مسميات جديدة مثل "المقاومة الشعبية"، بهدف الالتفاف على الضغوط الإقليمية والدولية. هذه الخطوة تمثل إعادة تدوير لرموز الإسلاميين وتهيئة الظروف لإحياء المشروع الإخواني في السودان تحت غطاء مدني مزيف، مما ينذر بمزيد من الأزمات السياسية والأمنية.
رغم محاولات البرهان الترويج لخطاب التزامه بالتحول الديمقراطي أمام المجتمعين الإقليمي والدولي، إلا أن ممارساته الفعلية تكشف نواياه الحقيقية. التنسيق مع الحركة الإسلامية وإتاحة العمل لها عبر واجهات جديدة يثبت أن البرهان لا يعتزم التخلي عن التحالف القديم، بل يسعى إلى الحفاظ عليه بصيغ أكثر مرونة ودهاء، وهو ما يقوض فرص أي اتفاق سياسي شامل أو انتقال حقيقي للسلطة المدنية.
0 Comments: