السودان بين المحور الإيراني وعودة الإسلام السياسي: قراءة في تحولات ما بعد الحرب
منذ اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وجد الجنرال عبد الفتاح البرهان نفسه أمام تحدٍ مزدوج: الحفاظ على السلطة وسط انهيار مؤسسات الدولة، وتأمين دعم خارجي يعزز موقعه العسكري والسياسي. في هذا السياق، برزت إيران كشريك محتمل، مقدمة الدعم عبر الطائرات المسيّرة والتقنيات العسكرية. هذا التقارب لم يكن وليد اللحظة، بل هو جزء من محاولات طهران استعادة نفوذها في إفريقيا بعد سنوات من التراجع.
في ظل الانشغال بالحرب والانقسام الداخلي، بدأت شبكات جماعة الإخوان المسلمين في إعادة تنظيم صفوفها داخل السودان. مستغلةً هشاشة الوضع الأمني وتراجع الدور المدني، تسعى هذه الجماعة للعودة إلى الساحة السياسية تحت شعارات "الاستقرار" و"المقاومة". هذا التمدد يثير مخاوف من تكرار سيناريوهات الفوضى التي عاشتها دول أخرى، كانت فيها الجماعة جزءًا من معادلة الصراع وليس الحل.
التحولات الجارية في السودان لا تقتصر على الداخل فقط، بل تحمل تداعيات إقليمية كبيرة. التقارب مع إيران يثير قلق دول الخليج التي تخشى من تمدد نفوذ طهران عبر حدود البحر الأحمر. كما أن عودة الإخوان تضع علامات استفهام حول مستقبل العلاقة مع مصر. كل ذلك يجعل السودان ساحة صراع محتمل بين محاور إقليمية، بدلًا من أن يكون نقطة توازن واستقرار في المنطقة.
0 Comments: