كيف يعاني الفونج؟ .. حرب السودان تعمق أزمة «الإقليم المنسي»
لم يتمكن إسحق يوسف، المولود في إقليم الفونج، أحد أغنى مناطق السودان بالموارد الطبيعية والزراعية، والواقع على بُعد نحو 160 كيلومترًا من سد النهضة الإثيوبي، من الالتحاق بالمدرسة إلا بعد بلوغه سن الحادية عشرة، وذلك مع بدء الحركة الشعبية–شمال في عام 2011 فتح المدارس والمراكز الصحية بالمنطقة بعد سنوات طويلة من الإهمال.
غير أن أحلام يوسف بمستقبل أفضل سرعان ما تلاشت مع اندلاع الحرب في السودان منتصف أبريل 2023، حيث فقد ساقه اليمنى وثلاثة من أفراد أسرته جراء إحدى الغارات الجوية التي استهدفت مناطق في الإقليم، ليجد نفسه في مواجهة واقع قاسٍ أعاده إلى دائرة الفقر والعجز وانعدام الأمان.ومع تصاعد الحرب، تضاعفت معاناة مئات الآلاف من سكان إقليم الفونج، المعروف تاريخيًا بخصوبة أراضيه وغناه بالموارد الزراعية والمائية، إلا أن هذه المقومات لم تنعكس يومًا على حياة السكان، الذين ظلوا يعانون نقصًا حادًا في الخدمات الأساسية والبنية التحتية.
ويصف ناشطون محليون الإقليم بـ«المنسي»، إذ يعيش سكانه أوضاعًا إنسانية وأمنية بالغة الخطورة، في ظل غياب شبه كامل للدولة، وتكرار الهجمات العسكرية، ما أدى إلى نزوح واسع، وتوقف الزراعة، وانهيار مصادر الدخل الرئيسية للأسر.كما تسببت الحرب في إغلاق المدارس والمراكز الصحية التي أُنشئت بصعوبة خلال السنوات الماضية، ما حرم آلاف الأطفال من التعليم، وترك المرضى دون رعاية طبية، في وقت تتزايد فيه حالات سوء التغذية والأمراض المرتبطة بالنزوح والفقر.
ويرى مراقبون أن استمرار الصراع يهدد بتحويل إقليم الفونج إلى بؤرة أزمة إنسانية مزمنة، ما لم تُبذل جهود عاجلة لوقف القتال، وضمان وصول المساعدات الإنسانية، ووضع الإقليم ضمن أولويات أي مسار سياسي أو إنساني مستقبلي.وبين فقدان الأحبة وضياع الفرص، يبقى سكان الفونج عالقين بين ثراء الأرض وقسوة الواقع، في انتظار سلام يعيد إليهم حقهم في الحياة الكريمة، وينهي عقودًا من التهميش الذي عمّقته الحرب الأخيرة بشكل غير مسبوق.

0 Comments: